باطل ، فإنّ المزيل للنجاسة بالماء المغصوب ، لا يعتقد أنّ ذلك من الدين ، بل يعتقد أنّه بدعة.
وإن أرادوا الثاني ، منعنا أنّه ليس من الدّين.
لا يقال : فحينئذ لو فعل الإنسان ذلك معتقدا أنّه من الدّين ، لزم أن يكون مردودا عليه ، فلا يثبت أحكامه.
لأنّا نقول : إنّما يجب أن يكون ردّا من الدّين ، لا غير ، وإنّما يكون كذلك ، إذا جعلناه بخلاف ما اعتقده ، كما لو قال انسان : «من رام الدخول إلى داري ، فهو مردود» أفاد أنّه مردود من الدّار ، (ولا يلزم عدم ثبوت أحكامه) (١).
وأجاب قاضي القضاة بوجوه :
الأوّل : لفظ «الرّد» يفيد نفي استحقاق الثواب ، لأنّ «الرّدّ» ضدّ «القبول» ، والقبول يفيد استحقاق الثواب ، فلفظ «الرّدّ» كالنهي ، في اقتضاء القبح ، ونفي استحقاق الثواب ، ونحن نقول : إنّ المنهيّ عنه لا يستحقّ به الثواب.
الثاني : يجب أن نبيّن أنّ الحكم بإجزاء الفعل ليس من الدين ، ثمّ نردّه ، وهذا إنّما يتوجّه على من قال في استدلاله : «إنّ الإجزاء ليس من الدين» ، لا إلى من قال : «إنّ الفعل نفسه ليس من الدّين».
ثمّ استدلّ بذلك على انتفاء أحكامه.
الثالث : النّهي أبلغ من لفظ «الردّ» لأنّ طاعات الكافر مردودة ، وليست منهيّا عنها ، فإذا لم تظهر دلالة النّهي على الفساد ، فلفظ «الردّ» أولى بذلك.
__________________
(١) ما بين القوسين يوجد في «ج».