التاسع : الإجزاء يعاقب الفساد ، فإذا كان بالنهي ينتفي كون الشيء شرعيّا ، فالإجزاء لا يعلم إلّا شرعا ، فليس بعد ذلك إلّا الفساد.
العاشر : لو لم يعقل من النهي الفساد ، لم يكن التحريم دليلا عليه ، وكان لا يعقل من قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ)(١) فساد هذه الأنكحة وبطلانها.
الجواب عن الأوّل : إفادة الملك عن المعصية نعمة أيضا ، فتناسب الشرعيّة ، ويمنع الفساد في جميع المناهي الواردة ، مع أنّه يجوز أن يكون الحكم عليه بالصحّة مناسبا للنهي ، فإنّ زوال الملك عن البائع ، لارتكابه المنهيّ عنه ، أمر مناسب له.
وعن الثاني : ما تقدّم ، من جواز كون الفساد لا من نفس المنهيّ عنه ، بل لمنعه عن فعل مطلوب للشارع.
وعن الثالث : أنّ البيع وقت النّداء يوصف بأمرين :
أحدهما : أنّه غير مطابق لأمر الله تعالى.
والثاني : أنّه سبب الملك ، والقول بالأوّل إدخال في الدّين ما ليس منه ، فكان ردّا ، وأمّا الثاني فلا نسلّم أنّه ليس من الدين ، حتّى يكون القول به ردّا ، فإنّه نفس النزاع.
وأيضا ، إنّما يكون مدخلا للفعل في الدّين ، إذا اعتقد أنّه من الدّين ، فإنّ الزّاني ، وفاعل المباح لا يكون مدخلا للزنا والفعل المباح في الدين ، فلا يخلو إمّا أن يريدوا أنّ الفاعل لما نهي عنه مدخلا للفعل في الدين ، أو لأحكامه ، والأوّل
__________________
(١) النساء : ٢٣.