ولو فرضنا أنَّ هذه الطيور تستفيد من حركة الشمس ، فمن المسلَّم به عدم مقدرتها على تعيين الزوايا ، وهي زوايا صغيرة جدّاً ، لا يمكن قياسها الامن خلال الاستعانة بالمنقلة لتحديدها ، وهذه مسائل لا يمكن تفسيرها إلّافي ظل الهداية التكوينية الإلهيّة.
إنَّ هذا الطائر ومئات مثلُهُ دليلٌ حيٌّ على أنّ وراءَ الطبيعةِ علماً وقدرةً لا متناهيةً تهدي وتقود كلَّ موجودٍ في مسيرة حياته ... نعم كلُّ هذا دليلٌ على من لا دليل له.
٩ ـ ونختم الحديث بكلامٍ ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام طبقاً لما جاء في «توحيد المفضل» ، حيث يقول عليهالسلام : «فكّر يا مفّضل في خلقة عجيبة جعلت في البهائم ، فانّهم يوارون أنفسهم إذا ماتو كما يواري الناس موتاهم ، وإلّا فأين جيف هذه الوحوش والسباع وغيرها لا يرى منها شيء؟ وليست قليلة فتخفى لقلتها ؛ بل لو قال قائل : إنّها أكثر من الناس لصدق ، فاعتبر ذلك بما تراه في الصحارى والجبال من أسراب الظبا والمها والحمير والوعول والأيائل وغير ذلك من الوحوش ، وأصناف السباع من الأسد والضباع والذئاب والنمور وغيرها ، وضروب الهوام والحشرات ودوابّ الأرض ، وكذلك أسراب الطير من الغربان والقطا والأوز والكراكي والحمام وسباع الطير جميعاً وكلها لا يرى منها شيء مات إلّا الواحد بعد الواحد يصيده قانص أو يفترسه سبع ....» (١).
* * *
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٩٩ (مع شيء من الاختصار).