يوجهون التأثيرات على القسم غير الفعال من دماغه ، بينما وضعتُ «دائرة الحراسة من المخ» في حالة انذار وترقب فهذا الجزء يبقى مستيقظاً حتى في أعمق حالات النوم ، ومن خلال دائرة الحراسة هذه يقيم الإنسانُ علاقاته مع العالم الخارجي (ويودع المسائل التي يرغبُ بها في هذه الدائرة بلا قصد منه).
والأُمُ التي تنام إلى جانب طفلها المريض ولا يمكن لأعلى صرخات الذين من حولها أن توقظها ، تستيقظ لأقلِّ أنَّةٍ تصدر من طفلها.
والطّحان الذي ينامُ عند حدوث العواصف المصحوبةِ بالبرق والرعد يستيقظ بمجرّد توقف طاحونته عن العمل ، كل ذلك بسبب ايداعهم لما يريدونه في دائرة الحفظ في المخ في حالة اللاشعور» (١).
٨ ـ ويقول «درفيشر» في كتابه حول الحمام الزاجل وعودته المدهشة إلى عشّه :
«لو وضعنا هذا الطائر في صندوقٍ مقفلٍ مظلمٍ وأبعدناه مئات الكيلو مترات عن وكره ، وسلكنا به الطرق الملتوية والمعقّدة أثناء رحلتنا ، فانّه حال اخراجه من الصندوق يطيرُ مباشرةً نحو عشِّه بعد عشرٍ أو عشرين ثانيةٍ من رؤية النور ، وقد ثبتَ ذلك عن طريق الاختبارات المتكررة التي قام بها عالمٌ معروفٌ يُدعى الدكتور «غرامر» .. ويمكن توضيح اسلوب عمله بهذا المثال : فلو أنّ هذا الطائر كان في مدينة هامبورغ فانّه يعلم أين تكون الشمس عند الساعةِ الفلانية من اليوم ، فإذا أخذوه إلى مدينة «بروم» مثلاً فانّه يفهم أنَّ الشمس هناك تكون إلى الشمال من ٢٥ / ١ درجةً شرقاً بنصف درجة.
فمن أجل عودته إلى وكرهِ في هامبورغ يجب عليه التحليق نحو الشمال الشرقي مع الأخذ بنظر الاعتبار وضع الشمس في هامبورغ.
إلّا أنّه ليس معلوماً كيف تقوم هذه الطيور بتحديد طريقها عندما يكون الجوُّ غائماً حيث تختفى الشمس؟ لقد أثبتت التجارب أنَّ أغلبها يجد طريقه بدون الاستفادة من حركة الشمس كبوصله لتحديد اتجاهها» (٢).
__________________
(١) علم النفس في الاتحاد السوفيتي ، ص ١٩ «مع شيء من الاختصار».
(٢) الحواس الخفية للحيوانات ، ص ١٨٣.