«لقد درست أحوال هذا الطائر ، فوجدت من خصائصه أنّه يموت عندما يُكملُ وَضْعَ بيوضه ، أي أنّه لا يرى فراخه أبداً ، ولذلك فانَّ الفراخَ سوف لن ترى وجهَ الأم المليء بالحنان إلى الأبد ، وعندما تخرج من البيضة تكون على هيئة اليرقة عديمة الريش والأجنحة ولا قدرةَ لها للدفاع عن نفسها تجاه ما يهدد حياتها ، لذلك فعليها البقاء لمدة سنةٍ كاملة على هذه الحال وفي مكانٍ آمنٍ ، وأن يكون غذاؤها إلى جانبها ، لهذا فحينما تشعر الأُم بحلول موسم وضع البيوض تبحث عن مقطعٍ خشبي فتقوم بثقبه ، ثم تشتغل بجمع الأطعمة ، فتجمعُ الأوراق والاغصان التي يمكن استخدامها لتغذية فراخها لمدّة سنةٍ كاملة وتُعدُّهُ لواحدٍ من هذه الفراخ ، ثم تضعه في نهاية الثقب وتضع عليه بيضةً واحدة وتبني فوقه سقفاً قوياً نسبياً من عجينةِ الخشب ، وتبقى تشتغل بجمع الأطعمة ، وبعد تأمين قوت سنةٍ كاملةٍ لفرخٍ آخر ووضعها على سقف الطبقةِ الاولى تضع بيضةً اخرى ثم تبني طبقة ثانيةً ، وهكذا تقوم ببناء عدةِ طبقاتٍ ثم تموت بعد الفراغ من العمل! (تأمّلوا جيداً .. من اين جاءت معرفةُ هذا الطائر الضعيف بأنَّ لفراخه مثل هذه الحاجات؟ ومِمَّ استلهم هذه التعاليم؟ فهل تعلَّمها من أُمه؟ في الوقت الذي لم يَرَها أبداً ، أم من خلال التجربة ، علماً أنّ هذا العمل لا يقع إلّامرّةً واحدةً في حياته ...
ألا يجب الاعتراف بأنَّ هذا الفعل يستندُ إلى الهامٍ غيبي وغريزي حيث وضعته يد القدرة الإلهيّة في كيانه؟!).
٧ ـ يقول العالم النفساني الروسي المعروف «بلاتونوف» في كتابه «علم النفس في الاتحاد السوفيتي» :
«التقيتُ أثناء الحرب العالمية العظمى صدفةً بطبيب لم يَرَ النومَ لبضعِ ليالٍ ، ثم تمكَّنَ من النوم قليلاً ، وأثناء ذلك جيء بعددٍ كبيرٍ من الجرحى الذين يجب علاجهم فوراً ، إلّاأنَّ الطبيب المذكور لم يستيقظ ، فحرّكناه وسَكَبنا الماء على وجهِه ، فكان يحرِّكُ رأسه ويعود إلى النوم ، فأشرتُ إلى الموجودين بالسكوت «كي اوقظَهُ» ، ثم قلتُ له بهدوء وبشكلٍ واضحٍ : أيّها الطبيب جاؤوا بالجرحى وهم بحاجةٍ ماسةٍ إليك ، هنا استيقظ فوراً.
ثم يضيف : كيف يمكنُ تبريرُ هذا الأمر ، فهؤلاء الذين كانوا يسعونَ لايقاظه كانوا