البراهين على علمِ وقدرةِ الله تعالى فيقول : (وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ).
وهو في نهاية الآية يؤكد هذا البرهان (إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَومٍ يَسْمَعُونَ).
وممّا لا شك فيه أنَّ الكائنات الحيّة كافة تحتاجُ إلى الراحةِ لتجديد قواها ، واكتساب الطاقة اللازمة لاستمرار نشاطاتها الحياتية ، الراحةُ التي تلاحقهم تلقائياً ، وتجبُرُ حتى الذين يحرصون على عدم التمتع بها.
فايُّ عاملٍ أفضلُ من النومِ يمكنُ أن نفكر به من أجل تحقيق هذا الهدف حيث يلاحق الإنسانَ بشكلٍ اجباريٍّ ويضطره لايقاف جميع نشاطاته الجسمية ، بل حتى بعض من نشاطاته الفكرية الأساسية ، وفي النتيجة يغطُّ في راحةٍ عميقةٍ ، وخلال هذه الفترة تقوم أجهزة الجسم باعادة البناء والاستعداد للسعي والحركة من جديد.
وممّا لا شك فيه أنّ الإنسان لولا النوم ، فانّه يذبُلُ ويتْلَفُ ، ويُصيبُهُ العَجَزُ والانكسار بسرعةٍ ، لذلك فقد قالوا : إنَّ النومَ المعتدل والاستقرار سرُّ السلامةِ وطولِ العمر وحيوية الشباب.
واللطيفُ أنَّ الآيةَ التي نبحثها وضعت «النوم» ، و (ابْتِغاء فَضْلِ اللهِ) في مقابل بعضهما ، وحسب قول بعض المفسرين أنَّ الأولَ هو علامة الموت والثاني علامة القيامة.
إنّ تعبير «ابتغاء فضل الله» يشير إلى نقطة ظريفة وهي أن سعي وجهد الإنسان في حياته من المسائل ذات الأهميّة ، وكذلك الفضل الإلهي ، والجمع بين الاثنين تجعل الإنسان يستفيد من مواهب هذا العالم.
وهنا توجد نقطةٌ جديرةٌ بالاهتمام أيضاً حيث ذكرت الآيةُ أعلاه النومَ بالنهار إضافة إلى النوم بالليل : (مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) ، في الوقت الذي يُعتبرُ النومُ مختصاً بالليل فقط حيث تؤكدَ آياتُ القرآن الكريم هذا المعنى ، إلّاأنّ بعضَ الظروف التي تطرأ في حياة الإنسان تجبُرُهُ على أنْ يَسهَرَ الليل وينامَ النهار ، ويُلاحَظُ هذا الأمر كثيراً في السفر ليلاً ، وفي المناطق الحارّةِ جدّاً حيث تتوقف النشاطات النهارية بسبب حرارة الجو ويكون العمل فقط أثناء الليل.
وفي عصرنا الراهن حيث تكون الكثير من المؤسسات الصناعية ، ومعامل صناعة الأدوية مضطرة للعمل ليلاً ونهاراً ، إذ من الصعوبة ايقاف العمل ، ممّا يدفع العمال إلى تقسيم