فيما بعد على النعم الكبيرة الثقيلة.
وحينما تستخدم هذه المفردة في القاموس الإلهي فتعني «منح النعم» وحين تستخدم في قاموس البشر فتعني غالباً التحدث بالنعمة التي يجزلها الإنسان لغيره ، من هنا كان معناها الأول إيجابياً والثاني سلبياً ومذموماً.
* * *
الآية الثالثة تشير إلى هدف مهم آخر من أهداف بعثة الأنبياء ، وهو مسألة «العدالة الأِجتماعية» ، فتقول : إنّنا جهزنا الرسل بثلاثة أشياء :
أولاً : البراهين الواضحة التي تشمل «المعجزات» ، و «البراهين العقلية» : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ).
ثانياً : الكتاب السماوي الذي يبين المعارف ويشرح للناس مسؤولياتهم.
وثالثاً : الميزان : وهو الوسيلة التي بواسطتها توزن الأشياء ، والعجب أنّ بعض المفسرين قد فسّروا الميزان بالمعنى الذي ذكرناه ، في حين أنّ أغلب المفسرين يعتقدون أنّ المراد من الميزان هي الوسيلة التي بواسطتها يقام العدل فيشخص بواسطتها الحق من الباطل ، الزيادة من النقصان ، الخير من الشر ، القيم الحقة والخيرة من القيم الباطلة والشريرة ، وبإمكاننا أن نفسّر الميزان بالقوانين الإلهيّة.
صحيح أنّ هذه الأمور مذكورة في نص الكتب السماوية ، ولكن ذكرها بشكل مستقل جاء بسبب أهميّتها.
وعلى كل حال ، هل من الممكن أن يسمع إنسان بأنّ شخصاً يدعي الدعوة إلى وجود مثل هذه الحقائق المصيرية ولا يرى أنّ من واجبه التحقيق في هذه الدعوة؟.
يقول الفخر الرازي : الناس ثلاثة أنواع : نوع في مقام «النفس المطمئنة» وهم المعنيون بالآية : (أَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ) ، النوع الثاني في مقام «الْنَفسِ اللَّوامة» وهم أصحاب اليمين الذين يحتاجون إلى معيار قياسي من أجل المعرفة والأخلاق ، ليكونوا في أمان من الافراط