يقول أحد العلماء المعروفين ويُدعى «جورج غاموق» في كتابه «بداية ونهاية العالم» : «يمُّر فضاءُ الكون الذي يتألف من مليارات المجرّات بحالةٍ من الامتداد السريع ، والحقيقة هي أنّ عالَمَنا ليس ثابتاً بل إنَّ اتساعَهُ مسلَّمٌ به ، والوقوف على كون عالمنا يمرُّ بحالةٍ من الاتساعِ يهيء لنا المفتاح الحقيقي لكنوز أسرار النظرية الكونية ، فلو أنّ العالَمَ يمُّر اليومَ بحالةٍ من الاتساع والامتداد فهذا يعني أنّه كان يمرُ بحالةٍ من الانكماش الشديد في عابر الازمان» (١).
وممّا يبعث على الدهشةِ أنَّ هذا التوسعَ يسيرُ سريعاً بالقَدرِ الذي يقول عنه «فورد هوفل» في كتاب «حدود النجوم» : «لقد تم قياس اقصى سرعةٍ لتباعد الكرات حتى الآن بما يقارب ٦٦ ألف كيلو متر في الثانية ، وتُدَللُ الصور الملتقطة عن السماء على هذا الاكتشاف المهم بوضوح ، حيث إنَّ الفاصلة بين المجرّات النائية تتضاعف بسرعةٍ أكثر من المجرّات القريبة!» (٢).
فأيُّ قوةٍ عظيمة تكمنُ وراء هذه الأجرام والمنظومات الجبّارة حيث تُبعدها عن مركز العالم بهذه السرعة النادرة من دون أن تتلاشى على اثر هذه الحركة؟!
ثم يشير إلى الأرض فيقول : (وَالارْضَ فَرَشنَاهَا فَنِعْمَ المَاهِدُونَ).
فالتعبير بـ «الفرش» من ناحيةٍ ، و «الماهد» من مادة (مهد) من ناحيةٍ اخرى ، إشارةٌ إلى التغييرات الكثيرة التي حصلت منذ بداية تكوين الأرض ، وتهيئتها لحياة الإنسان ، وجعلها كالمهد أو فراش الراحة.
كل هذه دلائل على ذلك العلم والقدرة الأزلية.
* * *
ونقرأ في الآية الحادية عشرة تعبيراً جديداً حول خلق السماء إذ يقول : (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظًا).
__________________
(١) بداية ونهاية العالم ، ص ٧٧ (مع الاختصار).
(٢) حدود النجوم ، ص ٣٣٨.