وهذا ما نفهمه أيضاً بأنَّ القَسَمَ بشيء ما يدلُ على أهميته الخاصة ، وإذا صدر هذا القَسَمُ عن شخصٍ عظيمٍ ستتضاعف اهميتُه ، وإذا اقسِمَ بهِ مِنْ أجل موضوعٍ مهمٍ ستزدادُ أهمية هذا الموضوع أيضاً.
والآن تأمّلوا جيداً عندما يُقسم الباري جلَّ وعلا بالشمس والقمر من أجلِ مسألةِ المعاد المهمّة ، فهذا دليلٌ على العظمةِ الفائقة لهذين الكوكبين ، ويشهد على هذه الحقيقة كون أن كلاً من هذين الكوكبين ذو أهميةٍ في نظر القرآن الكريم.
فلماذا يُقسمُ الباري تعالى بكواكب السماء واللّيلِ والنهار من أجل اثباتِ القيامة والحساب؟ وذلك لأنَّ النظام الحاكم على هذه الاشياء يبرهنُ على أنّ لجميع ذرات العالم حساباً خاصاً ، بناءً على ذلك كيف يمكنُ أن تكون أعمال الإنسان الذي هو زهرةُ عالم الوجود بلا حسابٍ ولا كتابٍ ، ولا وجود للمعاد والمحكمة العادلة؟.
* * *
وجاءت الآية العاشرة الأخيرة في بحثنا هذا عن نعمةِ وجود النجوم والنظام الدقيق الذي يحكمها فيقول : (وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهتَدوُا بِهَا فِى ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالبَحرِ) ثم يضيفُ : (قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَومٍ يَعْلَمُونَ).
لقد كانت النجوم دائماً وعلى مدى مراحل التاريخ من أهم وسائل ارشاد الإنسان في الليالي المظلمة ، حيث كان يهتدي بمساعدتها في أسفاره البحرية والبرّية ، حتى أنّ بعض العلماء يظنون أنّ الطيور المهاجرة ، أي الطيور التي تقطع آلاف الكيلو مترات في السنة أحياناً ، وبعضُها يستمر في طيرانه ليلاً ونهاراً بلا توقفٍ ، تحدد طريقها نهاراً عن طريق الشمس ، وليلاً عن طريق نجوم السماء ، ولهذا فانّها تتوقف عن مواصلة الطيران مؤقتاً إذا كان الجو غائماً تماماً حتى تنكشفَ الغيوم وتظهر السماء والنجوم!
والعجب إنّ إمكانية تحديد فصول السنة أيضاً من خلال الاستفادة من النجوم.
على أيّةِ حالٍ ، فانَّ هذه الآية تُلفتُ نظرَ كلِّ المفكِّرين إلى هذه المسألةِ وهي أنّ حركة