قانون الجذب والدفع في مسيرةٍ معينةٍ ، والجدير بالذكر أنّ القرآن الكريم نزلَ في زمانٍ كانت تحكُم فيه نظريةُ بطليموس على جميع المحافل العلمية بكل قوةٍ ، إلّاأنّ تعابير القرآن (كالتعبير بـ «الجريان» و «السباحة» التي وردت في الآيات أعلاه) لا تتلائم مع النظرية القديمة بايِّ نحوٍ وتتطابق مع آخر الاكتشافات العلمية في هذا العصر.
* * *
وورد في الآيتين الثامنة والتاسعةِ (أَيْمَانٌ) تَبعثُ على التأمل فيقول في إحداهما : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشَارِقِ والمَغَارِبِ) ، فيمكن أن يكون هذا التعبير إشارة إلى المشارق والمغارب و «المكانية» المختلفة ، لأنَّ كروية الأرض تؤدي إلى وجود مشرقٍ ومغربٍ بعدد نقاط سطح الأرض ، أو أن يكون إشارة إلى المشارق والمغاربـ «الزمانية» ، لأننا نعلم أنّ حركةَ الأرض حول الشمس تؤدي إلى استحالةِ شروق الشمس وغروبها من نقطةٍ واحدةٍ خلال يومين متتاليين.
هذا الاختلافُ في المشارق والمغارب الذي يتمّ من خلال نظامٍ دقيقٍ ومنهجي سبّب في حدوث «الفصول الاربعة» بما فيها من بركات من جهةٍ ، ومن جهةٍ اخرى فهو يؤدّي موازنة الحرارة والبرودةِ والرطوبةِ على سطح الأرض ، ويمنحُ حياةَ الإنسان والحيوانات والنباتات نظاماً وترتيباً ، وكلٌ منها آية من آيات الله وبرهان من براهينه.
وفي مكانٍ آخر يُقسمُ بالقمر (كَلَّا وَالقَمَرِ* واللَّيلِ إِذْ أَدْبَرَ* وَالصُّبحِ اذَا اسْفرَ) ثم يضيف : أنّ هذه الأَيْمانُ تُنبيءُ عن تحذيرٍ في أمر المعاد فيقول : إنَّ أحداثَ القيامةِ وجهنَّم من عظيمات الامور (إِنَّها لِإحْدى الكُبَرِ) (١).
واقْسَمَ في بداية سورة الشمس بالشمس أيضاً ، واشعتّها التي تُحيي الأرواح ، والقمر الذي يبزغُ بعد غروب الشمس.
__________________
(١) يقول الفخر الرازي : «إنَّ جهنَّم لها سبع مقاماتٍ ودركاتٍ وهي كما يلي ، جهنَّم ، ولظى ، والحطمة ، والسعير ، وسقر ، والجحيم ، والهاوية» (تفسير الكبير ، ج ٣٠ ص ٢٠٩).