في الوقت الذي يقول في الآية الثانية : (يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِى الأَبْصَارِ).
وقد يكون هذا التغيير في التعبير إشارة إلى حصول اللّيل والنّهار ، أو زيادة ونقصان مقداريهما ، أو اختلافهما من حيث البرودة والحرارة الذي يحدث خلالهما (١) ، ولكن لا مانع من شمول هذا التغيير كل هذه المعاني أبداً.
* * *
وأشار في الآية الثالثة إلى احدى فوائد «اللّيل» و «النهار» المهمّة ، حيث يقول : (هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ اللَّيلَ لِتَسْكُنُوا فِيه وَالنَّهارَ مُبصِراً).
والواضح أنّ الاطمئنان في ظلمة الليل أحدُ أهمِ النعم الإلهيّة ، كما أنّ نور النّهار الضروري لمختلف النشاطات يُعتبر نعمةً مهمةً اخرى.
والملاحظ في هذه الآية أنَّ النَّهار اعتُبرَ «مُبصراً» ، والمُبصرُ في الأصل تعني البصير ، ونحنُ نعلمُ أنّ النّهار ليس بصيراً في نفسهِ ، ولكن بما أنّه يؤدّي إلى أن يُبصرَ الآخرون ، فلعلَّ هذا التعبير اطلِقَ عليه للتأكيد والمبالغة.
وفي الحقيقة لولا بريق النّور فلا فائدةَ لألف عينٍ مبصرةٍ ، لهذا فهو يضيف في ختام الآية : (إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَومٍ يَسْمَعُونَ) ، أي اولئك الذين يستمعون هذه الآيات ويتفكرون فيها.
* * *
في حين أنّه يعتبر كلاً من الليل والنّهار في الآية الخامسة آيةً من آيات الله تعالى ويقول : (فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهارِ مُبصَرةً) ، ثم يشير إلى فائدتي ذلك حيث يقول :
__________________
(١) وردت هذه الاحتمالات الثلاثة في تفسير روح المعاني ، ج ١٨ ، ص ١٧٣ ، وتفسير الكبير ج ٢٤ ص ١٥ ، ولكن ذُكر التفسير الأول والثاني فقط في تفسير مجمع البيان ج ٧ ص ١٤٨.