«الاوتاد» : جمع (وَتَدْ) (على وزن حَسَدْ) ، وتُطلقُ على المسامير الضخمة القوية جدّاً ، وقد فسَّرها البعض بالمسامير التي تغور في الأرض وتُربط إليها حبالُ الخيمة (١).
وهنا كيف تكون الجبال بمثابة أوتاد الأرض؟ هناك تفاسير متعددة : أولُها وهو ما ثبت اليوم بانَّ الجبال لها جذورٌ عظيمة في أعماق الأرض ، وهذه الجذور متشابكة معاً وتُمسكُ بقشرة الأرض كالدرع وتحفظها في مواجهة الضغوط الناشئة عن الحرارة الداخلية ، ولولاها لما كان لسطح الأرض من قرار.
وفضلاً عن ذلك فكما أنّ جاذبية القمر والشمس تترك تأثيراتها على المحيطات ، وتسبب المد والجزر ، فانَّ اليابسة لها تأثيرها أيضاً ، فيمنحُ درعُ الجبالِ قشرةَ الأرض قدرةَ المقاومة أمام هذا الضغط الهائل.
ومن ناحية ثالثة فانَّ الجبال تصونُ بقاعَ الأرض المختلفة من العواصف والسيول وتقف أمامها كالسور العالي ، بحيث لو كان وجه الأرض كلُّه على هيئة صحراء لتعسَّرت حياة الإنسان على سطحها أمام هذه السيول العارمة.
وأهم من كل ما مضى فإنّ الجبال تعتبر بمنزلة الأوتاد القوية لنظام حياة البشر لكونها مركزاً لذخائر المياه.
وجاء في تفسير الميزان أنّ الأوتاد جمع وتد وهو المسمار إلّاأنّه أغلظ منه (٢) كما في المجمع ولعل عدّ الجبال أوتاداً مبني على أنّ أكثر جبال الأرض ناتجة من البراكين التي تنطلق من أعماق الأرض فتخرج مواد ارضية مذابة تستقر على فم الشق متراكمة كهيئة الوتد المنصوب على الأرض تسكن به فورة البركان التي تحته فيرتفع به ما في الأرض من الاضطراب والتزلزل.
* * *
__________________
(١) تفسير المراغي ، ج ٣٠ ، ص ٤.
(٢) تفسير الميزان ، ج ٢٠ ، ص ٢٥٩.