الأرض ، ويمكن تجربة هذا أثناء فصل الشتاء حيث يكون هواء الغرفة حاراً وفي خارجها بارداً ، فلو وضعنا شمعتي إضاءة عند طرفي الباب العلوي والسفلي وفتحنا الباب قليلاً سيتضح هذا الأمر جيداً إذ إنَّ الهواء البارد وبسبب ثقله يدخلُ من الاسفل والهواء الحار يخرج من الأعلى لخفّته فيحرك شعلةَ الشمعة باتجاهه (إنَّ الهواء الحار يكون ممدداً وخفيفاً والهواء البارد مضغوطاً ثقيلاً ،) ولو لم تكن هذه الصفة وتتوقف الرياح عن الحركة فايُّ بلاءٍ عظيمٍ سينزل على الإنسان؟!).
كما نعرفُ أيضاً أنّ للكرة الأرضية ثلاث مناطق ، فالمنطقة الباردة «الأطراف القطبية» ، والحارّة جدّاً «المناطق الاستوائية» ، والمعتدلة (المناطق التي تتوسط هاتين المنطقتين).
وهذا الاختلاف في درجات الحرارة على الأرض يكون سبباً في انتقال الهواء من جهةٍ إلى اخرى وأهمّه الرياح التي تُسمى «الرياح القطبية» (وهي الرياح التي تهبُّ من القطب نحو المنطقة الاستوائية ولأنّها تكونُ باردةً فهي تسير بالقرب من سطح الأرض) ، والرياح «الاستوائية» (وهي الرياح التي تهبُّ من المنطقة الاستوائية نحو القطب وبما أنّها تكون حارَّة فهي تتحرك في طبقات الجو العليا) (١).
فضلاً عن أنّ ماء المحيطات لا يكون حاراً كحرارة السواحل أثناء شروق الشمس ، إضافة إلى أنّ ماء البحر يفقد حرارته ليلاً اسرعُ ممّا يفقده الساحل ، فهذا الاختلاف في درجات الحرارة بين ماء البحر والساحل يتسبب أيضاً في هبوب الرياح باستمرار من البِّر إلى البحر ومن البحر إلى البِّر أيضاً.
وإضافة إلى كل هذا فانَّ كروية الأرض تؤدّي إلى أن تقع بعضُ المناطق في مواجهة الشمس مباشرة (أثناء الظهر) ، وأن تَشِّعَ الشمسُ على المناطق الاخرى بشكلٍ مائلٍ (أثناء الشروق والغروب) ، فهذا الاختلاف في درجات الحرارة أحد أسباب حصول الرياح في مختلف المناطق أيضاً (وكذلك هناك عوامل معقّدة اخرى).
وتتظافر هذه الأسباب في تحريك الرياح في سائر انحاء الكرة الأرضية وتتزامن معها
__________________
(١) اعجاز القرآن في نظر العلوم المعاصرة ، ص ٦٥.