والحديد هذه الميزةَ بحيث يطفو على وجه الماء؟ ومَنِ الذي أَمَرَ الرياحَ أنْ تَهُبَّ بشكلٍ منظَّمٍ على سطح البحار وتمنح الإنسان فرصة الانتقال من نقطةٍ إلى اخرى ، ويستخرج ملايين الثروات عن طريق البحر؟
أليسَ هذا نظام مُتقن ومُحكَم ، وكذلك النظام السائد على قوة البخار والبرق دليل جلي على علم وحكمة الخالق جلَّ وعلا؟
هنا يشبِّهُ القرآن الكريم السُفنَ الضخمة بـ «الأَعلام» و «الأَعلام» جمع «عَلَمْ» (على وزن قَلَمْ) وتعني في الأصل (كما يقول الراغب في المفردات) الاثر الذي يحصلُ منه علمٌ بوجود شيءٍ ، كالعلامات التي توضع على الطرق ، وعلم العسكر ، ولهذا اطلق على الجبل اسم «عَلَم» حيث يعتبر دليلاً واضحاً يبرزُ من بعيد ، ولهذا السبب شُبِّهت السُفنُ العملاقة بالجبال حيث تتضح من بعيد كالجبال.
واللطيف أنّ القرآن يقول عقب هذه الآية : (إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيْحَ فَيِظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ).
ولو شاء جعلَ الرياح مضطربةً وغير منظمةٍ بحيث لا تستطيع أيّة سفينةِ بلوغ هدفها ، بل يغرقها في البحر ، لذلك يكرر التأكيد في نهاية الآية : (إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآياتٍ لِّكُلِّ صَبّارٍ شَكُوْرٍ).
اولئك الذين استوعبوا آيات الآفاق من خلال الصبر والتحمل ، ويؤدّون شكر هذه النعمة بعد إدراك الحقيقة ، ويركعون على اعتاب ساحة القدس الإلهيّة العظيمة.
* * *
وأشار في الآية الخامسة إلى هذا الموضوع أي حركة السفن في البحار كأحد النعم الإلهيّة العظيمة أيضاً ، مع هذا الفارق حيث يقول : (ليُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ).
* * *