الإنسان كشفها واجتيازها كي يشق طريقة بالتقدم والتطور ، وهذه من النقاط المهمّة والحساسة.
وبالضمن فلقد علمنا أنّ «المواخر» تعني السفن والمراكب ، ولذلك فقد فسر ابن عباس «المواخر» بالسفن التي في حالة حركة «الجارية» (١) حيث إنّ قيمة السفينة تكمن في كونها متحركة.
* * *
أمّا الآية الثالثة والأخيرة والتي خاطبت مشركي مكة أو المؤمنين ، وفي احتمال قوي أنّ الآية عنت بخطابها الاثنين معاً ، فقد أمرت بقولها : (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلَالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ).
والملفت للنظر هنا أنّ الآية ذكرت في آخرها : (وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) فالبعض قال : إنّ هذه القضية شرطية وذلك لانّ هؤلاء لايعبدون الله اصلاً فكيف يشكرون نعمته ، فيكون الأمر «سالباً بانتفاء الموضوع».
وأيضاً يرد احتمال حول هذه المسألة وهو أنّ جزاء القضية الشرطية هي عبارة «فكلوا ممّا رزقكم الله ...» والذي ورد مسبقاً حيث يعني بان هذه الأرزاق في حالة كونها حلالاً طيباً عندما أكون عبداً ومطيعاً لله سبحانه وتعالى ، لأنّ كل النعم خلقها الله سبحانه وتعالى من أجل المؤمنين ، وَمثلُ ذلك مثل المزارع الذي يسقي الورد ماءً ، فهو إنّما يعمل ذلك من أجل أن يحصل على الورود لا أن يجني الأشواك بالرغم من أن الأشواك لا تخلو من فوائد ، وقد ذكروا تفسيراً ثالثاً وهو أنّ الآية تخاطب الوثنيين ، أنّكم إذا أردتم العبادة فاعبدوا من هو ولي نعمتكم ، لماذا تعبدون الأصنام التي لا دور لها مطلقاً (٢).
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٢٠ ، ص ٧ ، وكذلك ورد هذا المعنى في تفسير روح المعاني وتفسير القرطبي وذلك في تفسيرالآية قيد البحث هذا.
(٢) تفسير الكشاف ، ج ٢ ، ص ٦٤٠ ، وثمّة تفسير آخر ورد كاحتمال من الأحتمالات في تفسير الميزان وروح المعاني تذييلاً للآيات المنظورة في البحث.