فكيف يُمكنُ لمَن يملُك بصراً ويرى آثار قدرةِ وحكمةِ وعظمة الخالق في عَرضِ عالم الوجود ، ثمَّ يخضعُ تعظيماً لغيره؟!
ونواجه في هذه الآيات مرّةً اخرى التعبير بـ (كُلِّ زَوْجٍ كَريْمٍ) بخصوص النباتات ، حيث يتحدث عن التنوع الضروري جدّاً للنباتات ، وعن الزوجية في عالمها ، ويُشعر سالكي طريق التوحيد بأهميّة هذا الموضوع.
لفظة «ظلم» لها معنى واسع حيث يشمل وضع اي شيء في غير محلّه ، وحيث كان المشركون يعتبرون تدبير الكون بيد الأصنام ، أو يتصورونها واسطةً بين المخلوق والخالق ويسجدون لها ، فقد ضلُّوا وارتكبوا ظلماً عظيماً ، ولهذا جاءت هذه الكلمة في الآية أعلاه بمعنى الشرك ، أو بمعنىً واسع حيث إنَّ الشركَ مصداقٌ واضح له.
لا يخفى أنّ عبارة «فأَروني» ـ في الواقع ـ جاءت على لسان النبي صلىاللهعليهوآله ، وبتعبيرٍ آخر : انَّهُ مكلَّفٌ بانَّ يقول هذه الجُملة للمشركين ، لانَّ الآراء لله لا يمكن أن يكون لها مفهوم.
* * *
ويقول بصراحةٍ في الجزء الرابع من هذه الآيات التي وردت في سورة يس : (وآيَةٌ لَّهُمُ الأَرضُ المَيْتَةُ أَحيَيْناها).
وفي الحقيقة أنَّ مسألة الحياة من اهم أدلَةِ التوحيد ، سواء كانت في عالم النباتات ، أم الحيوانات والبشر ، أنّها المسألة الغنيةُ بالأسرار والمدهشةُ التي حيَّرت عقول كبار العلماء ، ومع كل النجاحات التي حققها الإنسان في مختلف الحقول العلمية ، لم يفلح أيُّ شخصٍ من حلِّ لُغز الحياة حتى الآن ، ولا عِلْمَ لأي أحدٍ كيف وتحت تأثير أية عوامل تبدّلت الجمادات إلى كائناتٍ حَّيةٍ؟!
ثمَّ أشارَ خلال بيان مسألة احياء الأرض الميتة ، إلى إنماء المحاصيل الغذائية (كالحنطة والشعير والذرة و ...) ، وبساتين العنب والنخيل النظرة ، وتكوين ينابيع الماء الصافي ، وقال في الختام : (لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ ومَا عَمِلَتْهُ أَيْديهِمْ أَفَلا يَشكُرُونَ).