أولاً ، ثم تظهر في جوانبها خلايا الثمار والالياف واللب والفروع الجذّابة التي تغذيها.
وفي داخل هذه الثمار تكمُنُ هناك أعظمُ المختبرات الخفيّة التي تعمل باستمرار في صناعة المركبات الحديثة بمزايا جديدة ، وقد يَكون الثمر بلا طعمٍ في بداية الأمر ، ثم حامضي الطعم تماماً ، ثم يصبح حلواً ، وفي كلِّ وقتٍ يحدث فيها انشطارٌ وتفاعلٌ جديد ، كما تتغير ألوانها باستمرار وهذه من عجائب خلقِ الله التي يدعو القرآن الكريم ـ لاسيّما في الآية الآنفة ـ الإنسان إلى التمعُنِ فيها.
* * *
وأشار في الآية السادسة من البحث في باديء الأمر إلى قطع الأرض المختلفة التي تملك قابليات متفاوتة لتربية أنواع الأشجار والنباتات وغيرها ، إذ يقول : (وفى الأَرْضِ قِطَعٌ مُتجاوِراتٌ) مع أنَّ هذه القطع يلتصقُ بعضها بالبعض الآخر ، فبعضها خصبٌ ومستعدٌ لأي شكلٍ من الزراعة ، وبعضها مالحٌ لا تنبتُ فيه سنبلةٌ أبداً ، وقد يناسبُ بعض هذه القطع زراعة الأشجار أو نوعٍ خاصٍ منها فقط ، ويناسبُ البعض الآخر نوعاً خاصاً من الزراعة ، وهذا عجيبٌ حيث تتفاوت الأراضي المترابطة بشكلٍ تستعد للقيام بواجباتٍ مختلفة.
وبعد ذِكر هذه المقدَّمة أشار إلى أنواع الأشجار والزراعات ، فاضاف قائلاً : (وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعنَابٍ وَزَرْعٌ ونَخيلٌ صِنْوانٌ وغَيْرُ صِنْوانٍ).
«أعناب» : جمع عِنَب وتعني الكَرْم و «نخيل» جمع «نخل» و «نخيلة» وتعني شجرة التمر ، وذكرهما بصيغة الجمع يُحتملُ أن يكون إشارة إلى الأنواع المختلفة للعنب والتمر ، لأنَّ لهاتين الفاكهتين مئات أو آلاف الأنواع المختلفة.
والتعبير بـ (صِنْوانٌ وغَيْرُ صِنْوانٍ) بالالتفات إلى أنَ «صنوان» جمع «صنو» «وتعني الفرع الذي يخرج من البدن الأصل للشجرة» ، من الممكن أن يكون إشارة إلى قابلية الشجرة على تغذية الثمار المختلفة عن طريق التطعيم ، لهذا تظهر على أغصان شجرةٍ واحدةٍ لها ساق واحد وجذر واحد وتتغذى من ماءٍ وأرضٍ واحدةٍ أنواعٌ مختلفةٌ من الثمار ، وهذا من عجائب الخلقة.