الذي يمد الكائنات بالحياة ، ومن أنواع المواد الغذائية الموجودة في أعماق الأرض وتظهر على هيئة ثمراتٍ وغلاةٍ وخضروات.
ثم لا يَدَعُ النبى صلىاللهعليهوآله ينتظر جوابهم فيردّ الجواب قائلاً : (قُلِ الله وَإِنَّا أَو إِيَّاكُم لَعَلى هُدىً أَو فِى ضَلالٍ مُبِينٍ).
ولأنَه لا تجتمع عقيدتان متناقضتان ، وبما أنّكم لا تملكون دليلاً يثبتُ أنّ الأصنام هي منشأ البركات ، يتضح اذن أننا نتبع الحقَّ وأنتم في ضلالٍ مبينٍ.
ولو لاحظنا هنا أنَّ النبي صلىاللهعليهوآله لم ينتظر جوابهم ، لأنَّهم في الواقع لا يملكون جواباً لهذا التساؤل ، سوى السكوت الممزوج بالخجل ، وعليه يجب على المتكلِّم الفصيح أن يُمسكَ بزمامِ الحديث في مثل هذه الحالات ويقدِّمَ الجوابَ بنفسِه.
وأحدُ فنون الفصاحةِ هو أنْ يُلقى الكلام الغامض على الخصوم من خلال الحوار ويترك الفصل لهمْ ، لهذا يقول هنا : (وَإِنَّا أَو إِيَّاكُم لَعَلى هُدىً او فِى ضَلالٍ مُّبِينٍ) ومن المسلَّم به أنَّ الضّالَ والمهتدي يتضحُ هنا ، ومن الأفضل أن تبقى العبارةُ غامضةً في الظاهر كي لا يتمادى هؤلاء في عنادهم ، وأن يُكلِّفوا أنفسهم عناء الاستنتاج.
والعجيب أنَّ بعضَ المفسِّرين يعتقدون أنَّ هذه العبارة من قَبيل «التقيّة» في الوقت الذي لا مجال للتقيّةِ هنا ، والأمرُ مشكوفٌ بجلاء ـ ولكن بشيء من اللطافة ـ ، وحيث يقول في البداية : «إنّا» ثم يقول : «أنتم» ويتابع قائلاً على «هدىً» أو على «ضلال» ، وهذا التسلسل يوضحُ الأمرَ أكثر.
* * *
وفي الآية التاسعة ، بعد أن أشارَ إلى نزول المطر المبارك من السماء ، استند إلى ثلاثة أصنافٍ من الارزاقِ التي يستفيد الجميع منها ، فيقول : (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّماءِ مَاءً مُّبارَكاً فَأنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الحَصِيْدِ).