وقد ذكرَ بعضهم أنَّ هذا يعود إلى القدرة العجيبة الكامنة في رقبته الطويلة التي تعمل طبقاً لقانون «الرافعة» الذي اكتشفه «ارخميدس» لأول مرّة ، (فهو يقول : لو وجدتُ نقطة للاتكاء خارج الكرة الأرضية لتمكنتُ برافعة ضخمة من تحريك هذه الكرة عن مكانها! وهذا هو الواقع ، فطبقاً لقانون الرافعة أنَّ الضغط الوارد على أحد طرفي الرافعة الذي يضرب في المسافة بينه وبين نقطة الاتكاء يوجد في الطرف الآخر للرافعة الاقرب إلى نقطة الاتكاء ضغطاً عظيماً).
وانطلاقاً من هذا فانَّ رقبة البعير تكتسب صفة الرافعة استناداً إلى نقطة ارتكازها المتمثلة في الأرجل الإمامية ومن خلال حركةٍ سريعةٍ وقويةٍ تعمل على تخفيف الاحمال الموجودة على ظهر البعير وتسمح له باطلاق رجليه الخلفيتين وينهض من مكانه! (١).
كلُ هذا وعجائب ومواصفات اخرى أدّت إلى أن يُستند إليه بوصفه آيةً من آيات الله العظيمة ، وليس فقط لأنَّ الجَمَلَ كان من الأركان المهمّة في حياة العرب الذين كانوا أولَ من خوطب بهذه الآيات.
فمنْ يستطيع أنْ يخلقَ كلَّ هذه العجائب والبركات في مخلوقٍ واحدٍ؟ ومن ثمَّ يجعلُهُ مطيعاً للإنسان بحيث لو أَخذَ طفلٌ صغيرٌ بعنانِ قافلةٍ من الابلِ لكان بمقدوره أن يأخذه إلى المكان الذي يصبوا إليه ، والعجيب أنّ الأنغام الموزونة «كالحدي» تترك أثراً في نفسهِ أيضاً وتدفعه إلى الحركة بحيويةٍ ونشاط وشوقٍ.
أوليست هذه آياتٌ عن عظمة وقدرة الخالق؟ أَجَلْ ؛ فاولئك الذين لا يمرُّون على هذه الآيات مرور الكرام باستطاعتهم أن يدركوا أسرارها (لا تَنسَوْا أنّ جملة : (افَلَا يَنْظُرونَ) من مادة «نَظَرْ» إلّاأنّها ليست النظر العادي ، بل النظر المتزامن مع التفكُّر والتأمُّل).
* * *
__________________
(١) اشير إشارة قصيرة في كتاب الجامعة الاولى ، ج ٦ ، ص ٣٢ إلى هذه المسافة ، وكما اشير في كتبٍ اخرى باشاراتٍ مفصلةٍ.