البردَ والحرَّ والرّياح والعواصف وأمثال ذلك ، ومن افضل البيوت المتنقلة هي الخيام التي تصنع من الجلود التي تمت الإشارة إليها في هذه الآية ، وهي اقوى من الخيام المصنوعة من الصوف أو القطن وأكثر مقاومةً وراحةً.
ويتطرق في ختام الآية إلى جانبٍ آخر من منافعها المهمّة ، إذ يضيف : (ومِنْ أَصْوَافِها وَأَوْبارِهَا وَأَشْعارِهَا أَثاثاً وَمَتاعاً إِلىَ حِيْنٍ) (١).
ونحنُ نعلمُ طبعاً أنَّ الصوف من الأغنام ، والوبر من الابلِ ، والشَّعْرَ من الماعز ، ونعلمُ أيضاً أنَّ أنواع الملابس ، والفرش ، والاغطية ، والستائر ، والخيام ، والسُفَر ، والحبال ، وأمثالها ممّا يلعب دوراً مهماً في حياة الإنسان ، تُصنعُ جميعها من هذه المواد الثلاث.
وبالرغم من أنَّهم قاموا في هذا العصر بصناعة أنواع الملابس والفراش من المواد الصناعية والنفطية ، إلّاأنّ دراسات العلماء أثبتت أنّها لا تُعتبر صالحةً لحياة الإنسان ، وغالباً ما تؤدّي إلى مضاعفاتٍ غير ملائمة له ، بينما تُعتبر الملابس الصوفية والوبرية والشَعرية من أصلح الملابس.
وقد اعتبرَ بعضهم التعبيرَ بـ «الىَ حينٍ» إشارةً إلى دوام الآلات التي تُصنعُ من هذه المواد الثلاث ، ويعتبرها بعضهم إشارةً إلى أنَّ جميع ذلك الأثاث معرض للزوال ولا يجب التعلُّق به ، ويبدو أنَّ هذا المعنى أكثر تناسباً.
* * *
وفي الآية السابعة التي وردت ضمن الآيات التوحيدية في سورة فاطر ، حيث أثارَت انتباه النبي صلىاللهعليهوآله إلى خلقِ الإنسان والدَّوابِ والأَنعامِ ، قائلاً : (ومِنَ النّاسِ والدَّوابِ
__________________
(١) «بيوت» جمع «بيت» ويعني حجرة أو بيت الإنسان الذي يأوي إليه ليلاً ، ولفظة «بيتوته» التي تعني «المبيت ليلاً» مأخوذة من ذلك أيضاً ، «ظعن» تعني الرحيل والتنقل من مكان إلى آخر وهي تقابل «الاقامة» ، ... «اثاث» مأخوذة من مادة «اثّ» وتعني الكثرة والاضطراب وتطلق على لوازم البيت نظراً لكثرتها واعتبرها بعضهم بمعنى الغطاء واللباس وبعضهم بمعنى البساط في حين اعتبرها بعضهم الآخر راجعة إلى «المتاع» الذي يعد وسيلة للتمتع والاستفادة وأنّهما بمعنى واحد.