مطبقٌ ، وتكون حساسة جدّاً ازاء النور إلى حينٍ بعد الولادة ، لذلك فهي غالباً ما تكون مغمضة ، حتى تستعد تدريجاً لمواجهة النور ، إلّاأنَّ الاذن ليست كذلك فباعتقاد بعضهم أنّها تسمعُ الأصوات في عالم الجنين أيضاً ، وتتعرفُ على انغامِ قلب الأُم!.
بالاضافة إلى أنَّ الاذن تعتبرُ وسيلةً لسماع رسالة الوحي الإلهي الذي هو أشرف المسموعات ، وكذلك وسيلة عامة لنقل العلوم من جيلٍ إلى جيلٍ آخر ، بينما ليست العينُ كذلك ، لا شكَّ أنَّ القراءة والكتابة وسيلةً لنقل العلوم إلّاأنّها ليست عامة وشاملة.
وجعلُ (الافئدة) وراءهما واضحُ الدليل أيضاً ، لأنَّ البَشر ينقلون المشاهدات والمسموعات إلى العقل ، ومن ثمَّ يقوم بتحليلها وتفكيكها وينتقي منها معلومات حديثة ويكتشف القوانين العامة للعالم (١).
* * *
وفي الآية الثانية يتابع الحقيقة التي وردت في الآية الآنفة ، وأشار إلى مسألة خلق الاذن والعين والقلب ، من أجل معرفة الله ، مثيراً في الإنسان الشعور بالشكر الذي هو السُلَّم لمعرفة الله تعالى ، مع هذا الاختلاف حيث يُعبَرُ عن خلق هذه الأعضاء بتعبير «انشاء» وفي الختام يوجِّهُ اللومّ والتأنيب لُاولئك الذين قليلاً ما يشكرون الله ، فيقول : (وَهُوَ الَّذِى أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيْلاً مَّا تَشْكُروُنَ).
و «الإنشاء» : كما يقول الراغب تعني في الأصل إيجاد الشيء وانمائهِ ، ولهذا يقال «ناشئة» للشباب.
إنَّ التعبير بإنشاء غالباً ما يخص الحيوانات ، بالرغم من استخدامها أحياناً في غير هذا المورد مثل : (أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ). (الواقعة / ٧٢)
ومن الممكن أن يكون هذا التعبير في الآية أعلاه إشارة إلى المسيرة التكاملية للعين
__________________
(١) إنَّ «سمع» تُطلقُ على المفرد والجمع ، بالرغم من أنَّهم يجمعونها بصيغة «اسماع» أيضاً.