والاذن والعقل خلال مرحلة الجنين ثم في مرحلة الطفولة ، حيث أَوْجَدَها الباري تعالى ثم يقوم بتربيتها.
* * *
ويقول في الآية الثالثة «كاستفهام تقريري» من المشركين الذين انفصلوا عن الله وضلِّوا في وادي عبودية الأوثان : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السَّماءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَملِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصارَ).
منَ المسلَّم به أنَّ الأرزاق التي يحصل عليها الإنسان إمّا أنْ تكون من السماء (كالامطار والهواء وضوء الشمس) أو من الأرض (كالنباتات والأشجار والمعادن المختلفة) فكذلك العلوم والمعارف فغالباً ما يحصل عليها الإنسان عن طريق العين والاذن ، لأنَّ هاتين الحاستين المهمتين تُعتبران وسيلةَ اتصالِ الإنسان بالعالم الخارجي ، وكلُّ هذه الأرزاق الماديّة والمعنوية من الله تبارك وتعالى.
واللطيف أنّه عبَّر هنا بتعبير المالكية ، وبِما أنَّ المالكية هنا تكوينية فانها لن تنفصل عن مسألة «الخلق» وفي الحقيقة أصبح هذا التعبير من لوازمه ، وكذلك لن تكون منفصلةً عن مسألة «تدبير الامور» لذا يقول مستفسراً في نهاية الآية : (ومَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ) (١).
فيضيف مباشرة : «أنّهم وبالهام من وحي فطرتهم يقولون بسرعةٍ : إنَّ الله هو مالك وخالق ومدِّبرُ هذه الامور» (فَسَيَقُوْلُونَ اللهُ).
(فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ).
أي ترك عبادة الأوثان والتوجه إلى غير الله ، والابتعاد عن الذنوب والظلم.
* * *
__________________
(١) قالَ بعض ارباب اللغة إنّ «ملِك» (بفتح الميم وكسر اللام ، تعني مَنْ يتصرف بعامةِ الناس من خلال أمره ونهيهِ وهذا يستلزم السلطة والاقتدار والتدبير).