ولو تأمَّلنا في تشكيل الحياة الزوجية وهي أول وحدةٍ اجتماعية ، في الرابطة القوية التي تتكون بين هذين الجنسين المختلفين ، ومن ثم لو تأملنا في الوحدات الاجتماعية الأكبر : العائلة ، الأقارب ، الطائفة والعشيرة ، ثم في المدن والاقطار وفي كل المجتمع البشري ، فاننا سنواجه في كلِّ خطوةٍ نخطوها آيةً من آياتِ الله العظيمة.
فمن الذي خلقَ المحبّةَ والمودةَ بين المرأة والرجل ، والأب والام وابنهما ، والعشيرة والأقارب ، وكلِّ الناس بشكلٍ عامٍ؟
من الذي وَضَعَ التوازن بين جنس المرأة والرجل في المجتمع البشري؟ بشكلٍ يتمّ الحفاظ على هذا التوازن رغم الحوادث المعقدة التي تطرأ في المجتمعات كالموت والولادات!
من الذي خلقَ الأذواق المختلفة في العقول ، والرغبات المتباينة في القلوب؟ وأخذ بيد كلِّ صنفٍ نحو عملٍ وبرنامجٍ ، كي يتكون من مجموعهم مجتمعٌ إنسانيٌّ ككتلةٍ واحدةٍ متكاملةٍ من جميع الجوانب.
ولعلِّهُ لهذا السبب أشار في الآية الآتية إلى اختلاف الالسُنِ وتباينِ الألوان ويعتبر ذلك من آيات الله. فيقول : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ الْسِنَتِكُمْ وَالْوانِكُمْ إنَّ فِى ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِيْن). (الروم / ٢٢)
وممّا لا شك فيه أنَّ أحد التفاسير لاختلاف الألسن والألوان ، هو هذا التباين الموجود في النطق والأذواق والجذب الفكري للأشخاص ، ممّا يؤدّي إلى أنْ يتحلّى المجتمع البشري بالانسجام التام ، بنحوٍ لا يحصل معه فراغٌ في أي من الحاجات المعنوية والمادية للبشر.
«مَوَدَّة» : من مادة «وُدّ» (على وزن حُبّ) وتعني المحبّة كما تطلق على «الأمل في تحقيق الشيء» (وكلا المعنيين قريبان لبعضهما) ولفظ «وَدّ» (على وزن حَدّ) اسمٌ لأحد اصنام الجاهلية ، وسمي بذلك الاسم لمحبتهم الشديدة له ، أو لأنّهم كانوا يظنّون بوجودِ مودةٍ بين الله وهذا الصنم ، كما يُطلقُ هذا اللفظ على «المسمار» ، حتى قالَ بعض إنَّ لفظ «وَتَدْ»