الذي يعني في لغة العرب «المسمار» مأخوذٌ من أصل «وُدّ» لأنَّ المسامير تلتصق بالجدار أو الأشياء الاخرى ، ومن هنا فهي تتشابه مع مفهوم المحبّة (١).
«رَحْمة» : وتعني حالة الليونة التي تحصل في قلب الإنسان فتجعله يميل إلى الاحسان تجاه من يستحق الرحمة ، ومن المسلَّم به أنّها حينما تُستَخدمُ في مورد الباري تعالى فانّها تعني الإنعام والعطاء والاحسان.
وهنا ما الفرق بين الاثنين «المودة والرّحمة» في هذه الآية؟ لقد اعطى المفسِّرون عدّة احتمالات ، ويُمكن القول أنَّ الجامع بينها هو أنَ «المودَّة» تُقالُ لشيءٍ لهُ مقابل ، كالمحبّة التي بين المرأة والرجل أو الاخَوَيْنِ ، حيث تدفع كلاً منهما إلى تقديم الخدمةِ إلى الآخر ، إلّا أنّ «الرحمة» من جانبٍ واحدٍ وتشتمل على التضحية ، كعلاقة الحب بين الوالدين وابنهما ، أو أحد الزوجين نحو الآخر عندما يعجز عن العمل.
وهنا تكمنُ نكتةٌ مهمّة ، وهي يجب أن يقوم في الحياة الزوجية وكذلك الحياة الاجتماعية بشكلٍ عامٍ نوعان من العلاقة المعنوية :
الأول : العلاقة التي تتخذ طابع الخدمات المتقابلة ، فيقوم كل فردٍ أو طبقةٍ بخدمات متقابلة تجاه الأفراد أو الطبقات الاخرى.
والثاني : «الخدَّمات المجانية» ، لأنَّ المجتمعات البشرية أو الاسرَ التي هي مجتمعٌ مصغرٌ تعجُّ بالأطفال والضعفاء والعجزة باستمرار ولو شاؤا انتظار الخدمات المتقابلة لظلّوا يعانون الحرمان ، هنا حيث يعطي مفهوم «المودة» مكانه إلى «الرحمة» ، وتحلُّ الخدمات التضحية محلَّ الخدمات المتقابلة ، وكم لطيف هذا التعبير القرآني الذي لن ترى المجتمعات البشرية صورة الاطمئنان والراحةِ إلّابالعمل به.
* * *
والآية الثانية من البحث تردد هذه الحقيقة التي وردت في الآية الآنفة مع هذا الفارق
__________________
(١) مفردات الراغب مادة (ود).