من البله والسذاجة بحيث لا يدركون الفرق بين عمل نمرود وبين الحياة والموت التي تحصل عن طريق الله.
ويقول : إن قصد نمرود هو قوله : أتراك تزعم أنّ الله يقوم بذلك من دون أيّة واسطة؟ هذا غير صحيح ، وإن كان ذلك يحصل عن طريق الاستفادة من عالم الأسباب ، فإنّ ذلك بإمكاننا أيضاً (١).
ولكن يبدو أنّ الفخر الرازي نسي هذه النقطة ، وهي : أنّ الجهلاء في كل عصر وزمان ليسوا قليلين ، خاصة المتملقين الذين يحيطون بحكام الجور والاستبداد والتجبر.
وقد ورد ما يشبه هذا المعنى في حياة موسى وفرعون حيث حاول فرعون استغفال وخداع أهل مصر بكلماته الركيكة المضحكة ودعاهم إلى عبادته.
إن تفسير الفخر الرازي يلائم جماعة من الفلاسفة يجتمعون مع بعضهم ويصطنعون مثل هذه السفسطات ، أمثال لو كان الفاعل فاعلاً بالواسطة لكان كذا ولو كان بلا واسطة لكان كذا.
* * *
الآية الثامنة تعتبر إيجاد الحياة والموت أمراً خاصاً بالله ، شأنها شأن الآية الثالثة ، وتعتبر عودة جميع الخلق إلى بارئهم عزوجل.
* * *
وفي الآية التاسعة يخاطب الله تعالى المشركين بلهجة حازمة فيقول : (اللهُ الَّذِى خَلَقَكُم ثُمَّ رَزَقَكُم ثُمَّ يُمِيْتُكُمْ ثُمَّ يُحْييكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِّنْ شَىءٍ) ، هل بامكانهم إحياء شيء أو إماتته؟ أو رزقه؟ وما دامت كل هذه الأمور خاصة بالله ، فما لكم تشركون به : (سُبْحَانَهُ وَتَعالىَ عَمَّا يُشْرِكُونَ).
* * *
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٧ ، ص ٢٤.