وفي الآية السادسة جاءت قضية الحياة والموت إلى جانب قضية الربوبية ، فهوالله سبحانه مالككم وربّكم أنتم وآبائكم ، الأولين وهو خالق الموت والحياة.
وبشكل أساسي فإنّ قضية الموت والحياة إحدى فروع ربوبية الله سبحانه وتعالى ، «الربوبية» بمعنى الإصلاح والتنظيم والتربية ، وهذه لا تحصل إلّاعن طريق الحياة والموت ، الحياة تعطي الإنسان إمكانية التكامل ، والموت أيضاً مقدمة لتكامل آخر وحياة جديدة في عالم أوسع.
* * *
تعكس الآية السابعة الحوار التاريخي بين النبي إبراهيم عليهالسلام وجبار زمانه «نمرود» ، ويبدو أنّ هذا الحوار جاء بعد قصة تحطيم ابراهيم الأصنام وظهوره كبطل من الأبطال وشياع صيته في كل مكان واضطرار نمرود إلى إحضاره (١).
إنّ أول سؤال سأله هذا الرجل الأناني الذي أذهب عقله غرور السلطان للنبي إبراهيم عليهالسلام هو : «من إلهك»؟.
فاعتمد إبراهيم قبل كل شيء في جوابه على ظاهرة الحياة والموت المهمّة وقال : «ربّيَ الذي يُحيِي ويميت».
فقال الجبارالطاغي نمرود مع علمه الأكيد بأحقّية كلام إبراهيم ومن أجل استغفال من حوله وتخدير عقولهم : إنني استطيع القيام بهذا أيضاً «أنا أحيي وأميت».
لم يذكر القرآن ما صنعه نمرود من أجل إثبات ادّعائه هذا ، ولكن الكثير من المفسرين قالوا : إنّه أمر فوراً باحضار إثنين من السجناء ، فأطلق سراح أحدهم وحكم على الآخر بالموت وقال : أرأيت كيف أن الحياة والموت بيدي؟!
والفخر الرازي استبعَدَ هذا المعنى في تفسيره وهو أن يكون الحضار في مجلس نمرود
__________________
(١) ورد هذا المعنى وهو أنّ الحوار أعلاه حصل بعد تحطيم الأصنام من قبل إبراهيم في عدّة تفاسير منها تفسير المراغي ج ٣ ، ص ٢١ ؛ والكبير ج ٧ ، ص ٢٥.