ويصف في موضع آخر العلم اللامحدود لله تعالى بهذا الرسم الذي يفوق حد التصور (وَلَوْ انَّمَا فِى الارْضِ مِن شَجَرَةٍ اقْلامٌ وَالبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ ابْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ). (لقمان / ٢٧)
في واقع الأمر أنّ هذه الصورة تتضمن الإشارة إلى حالة غير متناهية إلّاأنّها صورة حية ، لأنّ العدد اللامتناهي قد يستفاد منه بشكل جامد في الرياضيات والتوضيحات الفلسفية ، وقد يستفاد منه وهو ينبض بالحياة على شاكلة الصورة التي وردت في هذه الآية بحيث ترتقي بفكر الإنسان ، إلى ذرى اللانهاية.
ونحن عندما نستطيع أن نقف على عمق المعارف الإسلامية فيما يخص أدق المسائل التوحيدية والأسماء والصفات الإلهيّة نكون قد بحثنا دورة لكل القرآن المجيد بهذا الصدد (١).
* * *
وحينما يضع القرآن اللبنات الاولى لمسألة المعاد والحياة بعد الموت نجده تارة يفند جميع المزاعم والافتراضات الخاطئة للمناوئين في جملة مختصرة ويقول : (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ). (الأعراف / ٢٩)
وتارة يقول في تبيان أوسع : (اوَلَيْسَ الَّذِى خَلَقَ السَّمواتِ وَالارْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الخَلَّاقُ العَليمُ* انِّمَا امْرُهُ اذَا ارَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). (يس / ٨١ ـ ٨٢)
وتارة اخرى يجسم لهم مشهد المعاد والبعث في لوحة حية بدون أن يكلفوا تفكيرهم عناء الاستدلال : (يَا ايُّهَا النَّاسُ انْ كُنْتُم فِى رَيْبٍ مِّنَ البَعْثِ فَانَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِى الارْحَامِ مَا نَشَاءُ الَى اجَلٍ مُّسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُم طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا اشُدَّكُمْ وَمِنْكُم مَّنْ يُتَوَفّى وَمِنْكُم مَّنْ يُرَدُّ الى ارْذَلِ
__________________
(١) يراجع ج ٣ من هذا التفسير ، للحصول على معلومات واسعة ومنظمة بهذا الصدد.