بهم وتخفيفا عنهم ، لكن ندبهم إليه وأثنى على أهله ، وأخبر أنّ ثوابه رضاه عنهم الّذى هو أعظم وأكبر وأجلّ من الجنّات وما فيها (١) ، فمن رضى عن ربه رضى الله عنه. بل رضا العبد عن الله علامة رضا الله عنه ومن نتائجه ، فهو محفوف بنوعين من رضا الله عن عبده : رضا قبله أوجب له أن يرضى عنه ، ورضا بعده وهو ثمرة رضاه عنه ، ولذلك كان الرّضا باب الله الأعظم ، وجنّة الدّنيا ، ومحلّ راحة العارفين ، وحياة المحبّين ، ونعيم العابدين ، وقرّة عين المشتاقين.
ومن أعظم أسباب حصول الرّضا أن يلزم ما جعل الله رضاه فيه ، فإنّه يوصّله إلى مقام الرضا ولا بدّ. قيل ليحيى بن معاذ رحمهالله : متى يبلغ العبد مقام الرضا؟ قال : إذا أقام نفسه على أربعة أصول فيما يعامل به ربّه ، فيقول : إن أعطيتنى قبلت ، وإن منعتنى رضيت ، وإن تركتنى عبدت ، وإن دعوتنى أجبت. وليس الرّضا والمحبة كالرجاء والخوف ، فإن الرضا والمحبة حالان من أحوال أهل الجنة ، لا يفارقان فى الدّنيا ولا فى البرزخ ولا فى الآخرة ، بخلاف الخوف والرّجاء فإنهما يفارقان أهل الجنّة لحصول ما كانوا يرجونه ، وأمنهم ممّا كانوا يخافونه. وإن كان رجاؤهم لما ينالون من كراماته دائما ، لكنّه ليس رجاء مشوبا بشكّ ، بل رجاء واثق بوعد صادق من حبيب قادر. فهذا لون ، ورجاؤهم فى الدنيا لون.
__________________
(١) فى الأصلين «فيهما».