وعبثية غير مقبولة. قال تعالى : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (١) ..
وهذا معناه : أن الهداية الإلهية إنما تكون إلى سبيل واحد ، وهو الصراط المستقيم المتصل بالهدف ، دون سواه .. والذي إذا اتضح وعرف ، فإن الطرق الموجبة للضلال عن الهدف تصبح واضحة أيضا ..
ويصح التعبير عنها بكلمة «سبيل» لأن ذلك هو ما يقتضيه انحصار الطريق الموصل إلى الهدف بواحد ..
وذلك كله يشير إلى أن كلمة «أل» عهدية ..
وذلك غير دقيق ، والصحيح هو أن كلمة «أل» جنسية ، وذلك لما يلي :
إنه تعالى لم يقل : «إنا هديناه السبيل ، إما مهتديا أو ضالا» ، مع أن قوله تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) قد يغري الأوهام القاصرة. بتوقع أن يقول : إما ضالا ، أو مهتديا ، لأن جعل الإنسان يتلمس السبيل بهذا المستوى من الوضوح ، والتعيّن والتبيّن ، لا يبقي مجالا للضلالة عنه ، أو تضييعه ، أو ادعاء الغفلة عن خصوصياته وحالاته ، فهو مهتد إليه بصورة حتمية ، فإذا حاد عنه ، فإنما هو عناد ، وكفر ، واستكبار ، وجحود.
فنسبة الوضوح في سبيل الهداية ، هو في مستوى نسبة الوضوح في سبيل الضلالة. قال تعالى : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (٢). فإذا كان قد هداه النجدين ، فكيف يمكن تصور ضلاله ، إلا على سبيل العناد والجحود؟
__________________
(١) سورة الأنعام الآية ١٥٣.
(٢) سورة البلد الآية ١٠.