عن وجود الله ، وعن توحيده ، وعن صفاته ، وعن النبوة وعن الإمامة ، وعن اليوم الآخر .. كقوله تعالى مثلا : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (١) ، فإنه تعالى قد تحدث عن فساد الكون والحياة ؛ بالشرك ، وأن الإنسان سوف يفقد القدرة على العيش ، وعلى إعمار الكون ، وسيفتقد السعادة ، ويعجز عن الوصول إلى كمالاته التي ينشدها ..
ولم يقل : إن تعدد الآلهة يستتبع الالتزام بفقدان أحدها ، في المكان الذي يوجد فيه الآخر ، ولم يشر إلى أن ذلك يستلزم حاجة الآلهة إلى المحل ، أو لزوم تقدم المكان على المكين ، ولا إلى لزوم وجود ما يميز هذا عن ذاك ، ولا إلى غير ذلك من أمور تبقى في دائرة التأمل الفكري .. بل ترك البيانات الفكرية ، التي تحصن هي الأخرى الإنسان من شبهات أهل الضلال ، ترك بيانها للأئمة الطاهرين ، ولذلك نجد الإمام عليا [عليهالسلام] يتصدى لها ، فيقول : أيّن الأين فلا يقال له أين ، وكيّف الكيف فلا يقال له كيف (٢) ..
وقال [عليهالسلام] أيضا : مع كل شيء لا بمقارنة ، وغير كل شيء لا بمباينة (٣) .. وغير ذلك.
وقد بيّن [عليهالسلام] ذلك ، بعد أن بيّن لنا أيضا أنه تعالى لا يمكن دخوله في تصوراتنا وأوهامنا ، فقال : «كلما ميزتموه بأوهامكم في أدق
__________________
(١) سورة الأنبياء الآية ٢٢.
(٢) بحار الأنوار ج ٣٦ ص ٢٨٣.
(٣) نهج البلاغة ج ١ ص ١٦ ، واثنا عشرة رسالة للداماد ج ٢ ص ٤٣ وبحار الأنوار ج ٤ ص ٢٤٧ وج ٥٤ ص ١٧٧ وج ٧٤ ص ٣٠٠ وتفسير نور الثقلين ج ٥ ص ٢٦٠.