الربانية. وهذا يحتاج إلى التحمل ، والصبر والمكابدة ، ثم هو تعبير صادق عن الإيمان الحقيقي ، والوفاء ، والرجاء ، والخوف من يوم كان شره مستطيرا ..
والإطعام الذي ظهر منهم هو من مظاهر الشكر من جهة ، ومن مظاهر البر بجميع معانيه من جهة ثانية ، وبذلك يكون تعالى قد أشار إلى جميع المعاني والجهات المفترضة والمطلوبة ..
والمحسن ، وكذلك سائر الصفات التي ذكرت لكلمة «البر» تحمل في طياتها معاني السماحة والكرم ، والإيثار والشعور بآلام الآخرين ، والزهد.
وأخيرا ، فإنه قد ذكر في جملة تلك المعاني كلمة الصادق ، وهو معنى هام جدا ، وله دلالاته المختلفة في تأكيد صحة ما سيخبر به الأبرار في قصة إطعامهم للطعام ..
وتلك المعاني كلها تجدها ، أو تجد ما يعبر عنها ، أو ينطلق منها ، أو ينتهي إليها في آيات السور المباركة التي تتحدث عن الأبرار ، وما قاموا به ، وما أعده الله سبحانه وتعالى لهم ..
فكلمة الأبرار تعني القاهرية. والأبرار من خلال قاهريتهم ، ومن موقع اختيارهم وإرادتهم يفجرون عيون الخير تفجيرا ، وهم أيضا يفعلون ذلك من خلال عبوديتهم له تعالى (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) لا لأجل دنيا ، ولا لأجل الانقياد لغريزة أو غيرها ..
ثم إن كلمة الأبرار تستبطن السيطرة على النفس ، إلى درجة عدم الاستجابة لرغبتها الشخصية ، وتقديم مصلحة الغير على مصلحتها ، لأنهم : (يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) ..
كما إن من معاني البر «المحسن» ، فالآية إذن تستبطن الإيثار ، والكرم ، والإحسان ، لأنهم يطعمونه ، لا طمعا بمكافأة ، بل انقيادا لله ، وطاعة له.