نفسه الأمارة بالسوء ، والسيطرة عليها ، وكبح جماح الشهوات ، والغرائز والرغبات ، وذلك معناه : أن هذا الإنسان يملك قوة ، وعزيمة ، وإرادة ، وحرية اختيار ، ومبادرة عملية.
وصفة الصالح التي تذكر في جملة معاني البر ، تشير هي الأخرى هنا إلى صلاح الفاعل ، وأنه متوازن في نفسه ، منسجم مع ما يؤمن به من معان وقيم ، ولا يدخل مداخل السوء ، بل هو يصلح الخلل في كل مورد يدخل فيه ، تربويا كان أو اجتماعيا ، أو سياسيا ، أو غير ذلك ، لأن دخوله هذا يكون في موقعه ..
واللافت هنا : أن من الأمور التي تظهرها الآيات القرآنية ، هو : أن الصلاح هو المرتكز والأساس الثاني بعد مرتكز الإيمان ..
وهذا ما يفسر لنا السبب في أن الله سبحانه يقرن بين الإيمان وبين العمل الصالح في مختلف الموارد. والعمل الصالح هو ذلك الذي يأتي في محله وفي موقعه المناسب ، بحيث يوجب فقدانه منه خللا فيه ..
أما صفة الواسع ، التي هي معنى آخر لكلمة «البر» ، فهي تعني هنا رحابة الأفق ، والوعي الشامل ، وسعة الصدر ، وفتح القلب للغير ، والقدرة على استيعاب الآخرين ، وعلى التعامل معهم ، فلا انغلاق ولا انطواء ، وليس ثمة من قيود أو حدود لميزاته وصفاته : في روحه ، وفي عقله ، وفي أخلاقه ، وفي كل خصائصه الإنسانية.
والمطيع أيضا يحمل هنا معنى العبودية لله سبحانه ، والطاعة له ، والانسجام معه ، على أساس ما يملكه من معرفة عميقة بكماله المطلق سبحانه ، وبالحاجة الحقيقية إليه تعالى ..
أما الشاكرية فهي تعني الشعور الحقيقي بالنعم ، والألطاف ، والعنايات