الآية ٢٨ : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ..) وقد روي أن هذه الآية مدنية. وهي متحدة المعنى مع قوله تعالى : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) (١) ، مع شدة التشابه في السياق في الموردين.
وما كان يلقاه النبي من أذى المنافقين وغيرهم من الجفاة وضعفاء الإيمان ، لم يكن بأهون من أذى المشركين بمكة.
ولا دليل أيضا على انحصار الآثم والكفور في مشركي مكة. بل إن بعض المسلمين كان يكسب الآثام ، كما صرحت به الآيات. (انته كلام العلامة الطباطبائي) .. (٢).
ثالثا : إن المعيار في مكية السورة ومدنيتها هو النقل والرواية ، لا القياسات والاستحسانات. فإن كان ثمة من رواية تدّعي أنّ السورة مكية ، فلا بد من محاكمتها كرواية ، وملاحظة ما فيها من نقاط ضعف وقوة على هذا الأساس ..
وقد أشرنا إلى ذلك فيما سبق ..
وعلى كل حال .. فإن ثمة العديد من الأدلة على عدم صحة الرواية التي ذكرت : أن عبد الله بن الزبير قد اعتبر هذه السورة مكية ، بالإضافة إلى أن ابن الزبير متهم في ما يرويه ، خصوصا إذا كان في سياق إنكار فضائل علي [عليهالسلام] وآله الطاهرين. فإنه هو المحارب لأمير
__________________
(١) سورة القلم الآية ٤٨.
(٢) تفسير الميزان ج ٢٠ ص ١٣٥ / ١٣٦ وراجع : سورة النور الآية ١١ وسورة النساء الآية ١١٢.