فإن الأعمال الكبرى ، قد تكون الحوافز التي تدعو إليها قوية .. وقد يكون للحوافز الخارجة عن ذات ، وشخصية ، ووجدان الإنسان ، تأثير كبير في ذلك أيضا. ولأجل ذلك فقد يكون كشفها عن واقع تلك المزايا أضعف من كاشفية تلك الأمور التي تخلو من ذلك كله ..
ولأجل ذلك .. فإن الله حين جعل أعظم وأخطر مقام لأمير المؤمنين [عليهالسلام] وهو مقام الولاية العظمى ، لم يشر إلى جهاد الإمام علي [عليهالسلام] ، ولا ربطه بقلعه لباب خيبر ، أو قتل عمرو بن عبد ود ، ولا ربطه بعلم علي ، وتضحياته الجسام ، أو غير ذلك من فضائله ، بل هو قد جعل له ذلك في سياق التذكير بصدقة كانت منه على فقير أثناء الصلاة ، قال تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (١).
فكان هذا العمل الإنساني ، والإيماني من علي [عليهالسلام] دليلا واقعيا وعمليا على كماله في الإيمان ، والعلم ، والتقوى ، والوعي ، ثم هو دليل على صحة وشمولية مفاهيمه ، وسلامة مشاعره ، وتفوقه في كل مزاياه الإنسانية ، فاستحق بذلك أن يكون وليا وإماما ..
هذا ، وقد ذكر القرآن الإمام عليا [عليهالسلام] أكثر من مرة بما يشبه هذه المناسبة أيضا ، وذلك كآية النجوى ، وآية الصدقة سرا وجهرا ، وليلا ونهارا. وآيات سورة هل أتى بدءا من هذه الآية. ثم الآيات التي تليها ، ومنها آيات إطعام الطعام للمسكين ، واليتيم ، والأسير ..
وخلاصة القول : أن الوفاء بالنذر يكشف بصورة واقعية عن كمال
__________________
(١) سورة المائدة الآية ٥٥.