من محاولة للخروج من المأزق ، فلم يفلح.
وواضح : أن الإنسان إذا بلغ هذا الحد ، فإن أمله يتضاءل ويذوي .. كما أنه يفقد شيئا من عنفوانه ، ومن قوة شخصيته.
إذن ، فحالة هذا الشخص تثير العطف الشديد ، وتوجد اندفاعا قويا لمساعدته ، ممن يرى ذله ، وعجزه ، وحاجته ، وانكساره ..
وفي المقابل كان الباذلون للطعام ، الذي تتحدث عنه الآية الشريفة ، قد صاموا يوما كاملا ، واحتاجوا إلى الطعام بصورة حقيقية وفعلية ، وضعفت أجسادهم ، ولا سيما أجساد الأطفال الذين في جملتهم ، وكانوا صائمين أيضا ..
وهؤلاء الأطفال لا كسائر الأطفال ، بل هم خيرة الله سبحانه من خلقه ، وصفوته من عباده ..
وقد كان من الطبيعي أن يتنازع أولئك الباذلين عاملان .. أحدهما يدفعهم للبذل ، وهو حالة المسكين الصعبة للغاية .. وحالة حاجتهم الذاتية للطعام .. وثانيهما الحاجة العاطفية للاحتفاظ به لأجل طفلين هما الغاية في الكمال ، والنبل ، والفضل ، والصفاء .. ولا شك في أن أحدا على وجه الأرض ، لا يملك مواصفاتهما ، وميزاتهما.
فإمكانية الاستجابة للعامل الأول تبقى موجودة ، وفيها شيء من القوة .. فإذا استجابوا له ، فإنهم ـ ولا شك ـ يكونون قد قاموا بعمل عظيم ، ولكنه ليس مستحيلا ، بسبب قوة التحريك للعطاء ، من خلال الانسجام العاطفي والإنساني ، مع حالة المسكين.
ومن جهة أخرى ، فقد كان بالإمكان أن يعطوا المسكين بعضا من طعامهم على سبيل المشاركة ، والتسوية بالنفس .. ولكنهم لم يفعلوا ذلك ،