بأدنى حالاته ، وأقل مستوياته ..
ولكن .. أن يصدر هذا القول منهم ، لكل سائل أتاهم ، فذلك قد يكون غير مألوف.
والذي نراه هو : أن من الممكن أن يكونوا قد قالوا لهم ذلك ، حين رأوا علامات الدهشة والخجل ترتسم على وجوههم ، وهم يرون هذا الإيثار العظيم من هؤلاء الصفوة ، فتأتي هذه الكلمات لكي تطمئنهم إلى أنهم غير مطالبين برد هذا الجميل ، لأنهم إنما يطعمونهم لوجه الله تعالى ..
إن الإحسان حسن في حد ذاته ، ولكن شرط أن لا يشعر السائل بالمن والأذى .. لأن السائل شديد الحساسية تجاه من يعطيه ، حتى إنه قد يفسر احترامه له على أنه حركات تهدف إلى تذكيره بما أعطاه.
فإعلامه بأنه لا منة لأحد عليه ، إحسان آخر إليه ، فكيف إذا بلغ ذلك حدا جعله يشعر بأنه هو المتفضل على من أعطوه ، لأنه كان سببا في نيلهم الثواب والفضل عند الله تعالى ، فإن ذلك سوف يؤنسه ، ويدخل السرور والبهجة على قلبه ..
ولأجل ذلك كان يهتم الأئمة [عليهمالسلام] بالتزام سرّية العطاء ، حتى إن الإمام السجاد [عليهالسلام] كان يعول مئة أهل بيت ، يحمل لهم ليلا أجربة الدقيق على ظهره ، ولم يعرفوه حتى مات(١).
__________________
(١) راجع : سفينة البحار ج ٦ ص ٢٤٥ عن مناقب ابن شهر آشوب ج ٣ ص ٢٩٣ ، والكافي ج ١ ص ٤٦٨ ، والعلل ج ١ ص ٢٣٢ والخصال ص ٥١٧ والوسائل ج ٩ ص ٣٩٧ و ٤٠٢ وغيرها من المصادر.