كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا» (١).
لقد كان لا بد لهم أن يلهجوا بذكر الله ، وأن يدلّوا عليه ، وعلى رعايته ، وحبه ، وحكمته ، وتدبيره ، وعنايته ، وإشرافه ، ومراقبته ، وتوجيهه ، وتسديده لهم على صراط تكاملهم في إنسانيتهم وأخلاقهم.
إن الله ليس هو منشأ خوفهم من حيث هو ربّ ، بل منشأ الخوف هو نفس اليوم المرتبط بالله سبحانه ، من جهة أنه سبحانه هو الجاعل لذلك اليوم ، والمعد له. والمقرر والحاكم بالعذاب والثواب فيه ..
وإنما جعل الله سبحانه ذلك اليوم ، بهذه المواصفات من حيث هو ربّ ، حافظ ، ومدبر ، وعطوف ، ورؤف ، ورحيم ، وحكيم ، وعادل ، وفق ما تقتضيه حكمة الخلق ، والتكليف ، والأمر ، والنهي .. فحكمة الله ورحمته ، وعدله ، وعلمه ، وتدبيره ، قد اقتضت وجود هذا اليوم ، وذلك رحمة بالبشر ، وحفظا للحياة ، وضبطا لحركتها ، وإذكاء للطموح فيها ..
ب : ونجيب على السؤال الثاني ، فنقول :
قد اتضح أن هذا اليوم هو من قبل ربنا ، لكن لا من حيث إنه يريد الانتقام منا ، وإنما هو من موقع ربوبيته لنا ، وحبه ، وتدبيره ، واهتمامه بحفظنا ، ولأنه يريد لنا أن ننمو ونتكامل ، وأن ننال الخيرات كلها ، ونصل إلى منازل الكرامة ، وأن يبعد عنا الشرور والأسواء ، ويمنع من فساد الحياة. وذلك كله يوضح لنا السبب في أنه اختار كلمة «ربّنا» دون كلمة : «إلهنا».
__________________
(١) منتهى المطلب للعلامة الحلي (الطبعة الجديدة ، مجمع البحوث الإسلامية ـ ايران ـ مشهد) ج ٣ ص ٤٤ ومناقب ابن شهرآشوب ج ١ ص ٣١٧ ومستدرك سفينة البحار ج ٥ ص ١٦٣.