وقد يقال : هي تعليل لقوله : (لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً ..) أي أن السبب في أننا لا نريد جزاء ، هو أنا نخاف ذلك اليوم العبوس.
وقد يقال : إنها جملة مستقلة ، ليس فيها تعليل ، لا لهذه الفقرة ، ولا لتلك. بل هي تقول : هناك أمران :
أحدهما : الداعي ، والمحرك ..
والآخر : الهدف.
ونوضح ذلك بأن نقول : إن لدينا شعورا إنسانيا .. هو الإحساس بحاجة اليتيم .. وقد دفعنا هذا الشعور إلى الإطعام ، وقد جعلنا له هدفا هو الحصول على رضا الله سبحانه .. لأن الصفات الإنسانية ، كالكرم والشجاعة وغيرها .. إنما تكون فضيلة بملاحظة هذين الأمرين .. وهما الداعي والهدف .. فإذا فقدتهما ، فإن وجد ضدهما ، أصبحت رذيلة .. وإن لم يوجد ذلك الضد ، فإنها لا تكون فضيلة ولا رذيلة ..
فإذا كان الداعي والمحرك لإعطاء المال مثلا ، هو الشعور بحاجة الآخرين ، والتألم لهم .. ثم يجعل هدفه وهمه وجهده ، هو رضا الله ، والوصول إليه سبحانه ، وتكون وسيلته إليه هو هذا الإطعام مثلا ـ فإن ذلك يكون فضيلة بلا ريب ، حيث قد اجتمع فيه نبل الداعي مع جلال الغاية ..
وأما إن كان المحرك للإعطاء هو الحقد والاستدراج ، وكان الهدف مثلا هو إذلال الآخرين أو استعبادهم ، أو إيقاعهم في فخ منصوب لهم. فالفعل يكون رذيلة ، وأي رذيلة ..
وثمة صورة أخرى ، هي أن يعطي الإنسان طعامه ، لأنه قد صرف النظر عنه لعدم حاجته إليه .. أو يكون هدفه هو التخلص من ثقله ، أو من نفقة حمله. أو يبدله لمجرد الحصول على ثمنه ، فلا يكون الإطعام في