ولأجل ذلك كثر تعرض أهل بيت العصمة [عليهمالسلام] لإرشاد الناس إلى المنافع والمضار. ورسم الشارع المقدس للناس مفردات تعاملهم مع كل ما يحيط بهم بصورة تفصيلية. وكان فيها ما ألزمهم بمراعاته ، وفيها ما ندبهم إليه ، وما حرمه عليهم ، وما كرهه لهم .. وتلك هي أقوال النبي الأكرم والأئمة الطاهرين خير شاهد على ذلك ، فإنهم لا يقولون شيئا من عند أنفسهم ، بل كل ذلك بوحي إلهي ، وبيان ، وتوفيق وتسديد رباني ..
وقد خلق الله تعالى النبي آدم [عليهالسلام] ، وهو أول إنسان على هذه الأرض ليكون النموذج الأكمل والأتم ، الذي استحق أن يعطى خمسة وعشرين حرفا من الاسم الأعظم ، كما ورد في الروايات ، وأعطاه جميع الهدايات التي يحتاجها البشر ليوصلوا الكون إلى كماله الأتم. فكانت الهداية التكوينية ، والإلهامية ، والغريزية ، والفطرية ، والحسية ، والعقلية ، والشرعية ، فأعطاه أيضا الاختيار والإرادة ، لأن ذلك من موجبات كماله ، ولما امتد النسل في ذريته عليهالسلام ، بدأت تظهر منهم المخالفات المؤثرة في تشويه خلقه وخلقه ، ولو أنه استفاد هدايات الله تعالى ، ولم يبادر إلى اختيار المخالفة ، والتعدي ، فإنه سوف لن يوجد مشوه ولا مجرم ، بل لم يوجد من الجمادات والحيوانات والنباتات إلا ما هو تام الخلقة وصحيحها .. ولكنه لما اختار التعدي وشرع في الفساد ، والإفساد .. بدأت التشوهات الخلقية ، والخلقية تظهر في روحه ومشاعره ، وجسده ، وأخلاقه ، ونفسه ، وفي الموجودات المحيطة به ، من نبات ، وحيوان ، وجماد. فإنه حتى الأنفاس لها تأثيرها الإيجابي في الحيوان والنبات وكل شيء. وقد قال تعالى : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ..) وقتل قابيل هابيل ، وبدأت وراثة العاهات