الهداية الفطرية ، فإنه تعالى لم يتحدث للإنسان عن التوحيد مثلا ، وعن صفات الله ، وعن الآخرة ، وعن .. وعن .. بالطريقة الفلسفية أو النظرية المجردة ، فلم يستدل له بالدور أو التسلسل ، أو بغير ذلك من مصطلحات.
بل اتخذ في حديثه عن الآخرة أسلوب : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ* أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ* لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ* إِنَّا لَمُغْرَمُونَ* بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ* لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) (١).
وقال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ* قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (٢).
ومن الواضح : أن الليل والنهار ، والماء ، والزرع ، والنار ، ونحو ذلك هي من صميم حياة الإنسان ـ ولها ارتباط مباشر ترتبط بحركته ، ونشاطه ، وعمله ، ونومه ، وراحته ، وأكله وشربه ، ونحو ذلك ..
وحتى حين قال تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (٣) فإنه
__________________
(١) سورة الواقعة الآيات ٦٣ / ٧٢.
(٢) سورة القصص الآيتان ٧١ / ٧٢.
(٣) سورة الأنبياء الآية ٢٢.