والعدل والظلم. فكأن لها قدما في الذهن ، وقدما في الخارج ..
وكل تلك الدلالات إنما تنطلق من داخل الإنسان ..
٧ ـ الهداية الشرعية ، وهي لا تأتي الإنسان من داخله ـ كما هو الحال في الهدايات السابقة ـ بل تأتيه من خارج ، لتأخذ بيده إلى حيث لا يجد العقل ، ولا غيره من وسائل الهداية الداخلية سبيلا للوصول إليه ، أو التعرف عليه .. ولتصوب له ما اشتبه الأمر فيه ، بسبب حيلولة الغرائز والشهوات ، حتى ظن الحق باطلا والباطل حقا ، وظن السراب ماء ، فلما جاءه لم يجده شيئا ..
وبعد هذا التوضيح نقول :
إن كل ما يوصل إلى الغرض ، فهو هداية إليه ، سواء أكان بالقول أم بالعمل ، شرط أن يكون للواصل درجة من المشاركة في ذلك. وبذلك تكون الهدايات التكوينية ، والإلهامية ، والحسية ، والعقلية ، وما شابه ؛ داخلة في ذلك ..
وإذا كانت هذه الهدايات قد صاحبت الإنسان مذ كان نطفة ، فإنه منذئذ يصبح موردا لقوله تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ ..) وتستمر معه الهدايات ، وهو يمر في مراحل الابتلاء ، إلى أن يصبح سميعا بصيرا ، ثم يحتاج إلى هدايات جديدة تضاف إلى ما سبق ، فتأتيه الهداية العقلية ، ثم يحتاج إلى الهداية الشرعية .. فالله سبحانه قد هداه السبيل لحظة فلحظة ، وآنا بعد آن .. وتمت عليه الحجة. وعليه هو أن يقرر ، ويختار ، فيكون (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ..)
فالهداية للسبيل إذن لم تبدأ بعد السميعية والبصيرية .. وإلا ، لكان المناسب أن يقول : ثم هديناه السبيل ، أو فهديناه ، بل بدأت منذ بداية خلقه ، واستمرت معه ..