بالضرورة والعكس صحيح أيضا ، إذ لا ثالث لهما ، إذن فوقوع أحدهما قهريّ.
وعليه ، فيستحيل تعلّق التكليف به.
وأمّا إذا كان التضاد بين الضدّين دائميا ، ولكن كان لهما ثالث ، حينئذ ، مثل هذا يدخل في باب التزاحم دون التعارض ، بناء على ما تقدم من فصل باب التعارض عن باب التزاحم ، فإنّ كل خطاب شرعي أخذ في موضوعه قيدا لبّيا مستترا ، وهو عدم الاشتغال بضد واجب مساو أو أهم ، ثم لم يبتل به ، كما في (زيارة كربلاء في يوم الجمعة) إذا لم يكن مشغولا بضد واجب مساو أو أهم آخر (كزيارة سامرّاء) وكذلك العكس ، فإنّه لا يقع التنافي بينهما أصلا ، لأنّه متى ما زار أحدهما ارتفع موضوع الآخر ، فلا موجب حينئذ لافتراض وقوع أيّ تعارض بين الخطابين ، ذلك باعتبار نكتة القيد اللبّي الذي به فصلنا التزاحم عن التعارض ، إذن فالقيد اللبّي لا يمنع من جعل هذين الخطابين ، إذ لا منافاة بينهما حينئذ.
إلا أنّ واقع الحال في هذا الفرض ، يتوقف على الالتفات إلى نكتة ، وهي : إنّه بنفس إطلاق كل خطاب ، لا يمكن إثبات أهميّة أحد الخطابين على الآخر ، وتقديمه عليه ، وقد توضح هذا المطلب بتقريبين :
التقريب الأول ، هو : إنّ كل خطاب مخصّص لبّا بالقيد المستتر ، وهو عدم الاشتغال بضد واجب آخر مساو أو أهم ، فإنّه عند الشك في شيء «ما» إنّه ضد واجب مساو أو أهم ، حينئذ لا يمكن في مثله نفي كونه كذلك بالإطلاق (١) ، لأنّه تمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة.
٢ ـ التقريب الثاني هو : إنّه لا يمكن التمسك بإطلاق كلام المولى لإثبات التفاضل بين خطاباته وأنّ هذا مقدّم وهذا مؤخّر ، لأنّ المولى أساسا ، ليس في مقام البيان من هذه الناحية.
__________________
(١) وكذلك لا يمكن إثبات كونه كذلك للزوم نفس اللازم. (المقرر).