فيها إلى الترتّب ، لأنّه إذا كان عصيان الواجب متلازما مع فعل الحرام دائما ، كما في المثال المزبور ، فحينئذ يكون من اللغو وطلب الحاصل ، جعل الخطاب التحريميّ ، ولو بنحو الترتب ، لأنّ عصيان الواجب هنا مساوق مع فعل الحرام دائما.
وإن كان عصيان الواجب غير مساوق مع امتثال الحرام ، كما لو أمكنه فعل الحرام أيضا ، فإنّه حينئذ لا مانع من جعل التحريم المطلق على الحصة المقيّدة بترك الواجب من ذلك الحرام ، من دون حاجة إلى الترتّب ودفع محذور المطاردة بين التكليفين فيه ، إذ لا مانع من فعليّة مثل هذا الخطاب التحريميّ مع الأمر بالواجب الأهم ، لأنّ المكلف قادر حينئذ على امتثالهما معا من دون أن يلزم من ذلك طلب الجمع بين الضدّين.
نعم إذا كان ترك الاشتغال بالواجب من شرائط حصول الملاك التحريميّ فيه ، أي : كان ترك الاشتغال بالواجب من شرائط الاتصاف بالنسبة للحرام ، حينئذ تكون الحرمة مقيّدة بعدم الاشتغال بالواجب بنحو الترتب ، ولكن هذا خلاف إطلاق الهيئة ، فيكون منفيا به.
وما يدّعى من دوران الأمر بين تقييد المادة ، أو الهيئة ، فقد عرفت جوابه ممّا تقدّم. وهذا بخلاف التزاحم في الواجبات ، إذ إنّ الأمر المطلق بالمهم غير ممكن ، ولو أنّنا قيّدنا الواجب بالحصة الخاصة المقارنة لترك الأهم هناك ، لاستلزم الأمر بالقيد ، وهو ترك الأهم ، وبذلك يكون منافيا للأمر بالأهم.
ومحاولة المحقق العراقي «قده» (١) إرجاع الأمر بالمهم في موارد الترتّب ، إلى حرمة تركه المقرون بترك الأهم ، والذي سمّاه بوجوب سدّ باب عدمه المقرون بعدم الأهم ، عند ما كان يناقش المحقق الخراساني «قده» في
__________________
(١) مقالات الأصول ـ العراقي : ج ١ ص ٣٤٠ ـ ٣٤١. طبعة جديدة.