الواجبات ، وإنّه من جملة ما بني عليه الإسلام ، فهذه إن لم تكن قرينة قطعيّة على أهميّة الحج ، فلا أقل من كونها محتملة القرينيّة ، وبهذا يكون محتمل الأهميّة فيقدّم على النذر.
وإن شئت قلت في هذا التنبيه : إنه نسب إلى المحقق الثاني «قده» (١) القول بعدم جريان التزاحم ، فيما إذا وقع بين واجب موسع وواجب مضيّق ، كما في نذر زيارة الحسين (ع) في (يوم عرفة) من كل عام ، وذلك لإمكان الأمر بالواجب الموسّع المزاحم مع الواجب المضيّق في عرض واحد ، ومن دون حاجة إلى تقييد أحدهما بعدم الإتيان بالآخر ، ذلك لأنّ الواجب الموسّع يرجع إلى إيجاب الجامع بين الأفراد الطوليّة.
وعليه ، يكون الإتيان بهذا الجامع مع الواجب المضيّق مقدورا ، فلا يلزم من الأمر بهما في عرض واحد المحال.
وعليه ، فلا حاجة للأمر بهما على نحو الترتّب كي نجري التزاحم.
وقد منع من ذلك المحقق النائيني «قده» (٢) ، بدعوى ، أنّ ما قاله المحقق الثاني «قده» مبتنيا على كون القدرة شرطا في التكليف بحكم العقل ، لكونه يقبّح تكليف العاجز ، بينما الخطاب بنفسه يخص متعلقه بالحصة المقدورة لأنّ مفاد الخطاب هو البعث والتحريك ، وهو غير معقول نحو غير المقدور ، حتى لو أنكرنا التحسين والتقبيح العقليّين ، وكان الممتنع الشرعي كالممتنع العقلي ، وحينئذ ، لا بدّ من كون متعلّق الأمر مقيدا بالحصة المقدورة عقلا وشرعا من أفراده.
ومعنى هذا إنّه لا إطلاق في الواجب الموسّع للفرد المزاحم ، لعدم القدرة عليه شرعا ، وهو معنى عدم إمكان الأمر به في عرض الأمر بالمضيّق.
__________________
(١) جامع المقاصد ـ الكركي : ج ٥ ص ١٣ ـ ١٤.
(٢) فوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ص ٢٧١ ـ ٢٧٢.