نعم يمكن الأمر به بنحو الترتّب.
واعترض السيد الخوئي «قده» (١) على المحقق النائيني «قده» بما حاصله : هو إنّ ما هو المشهور من كون الإنشاء إيجادا للمعنى باللفظ ، مشهور لا أساس له أصلا ، وإنّما حقيقة التكليف عبارة عن اعتبار المولى كون الفعل على ذمة المكلّف ، وإبرازه بمبرز «ما» ، ولا نتعقّل معنى سوى ذلك للتكليف والإنشاء ، وحينئذ نقول : إنّ اعتبار المولى الفعل على عهدة المكلّف ، لا يقتضي الاختصاص بالحصة المقدورة ، ولا نفس التكليف يقتضي اعتبار القدرة في متعلقه ، وإنّما العقل يعتبرها شرطا في لزوم الامتثال والإطاعة.
ولكن اعتراض السيد الخوئي «قده» غير تام ، وذلك لأنّ المدّعى فيما أفاده الميرزا قده» ، ليس هو أخذ عنوان الباعثيّة والتحريك في المدلول التصوري لصيغة الأمر ، كي يربط بينه وبين ما هو الصحيح في تشخيص معنى صيغة الأمر ، أو الصياغة العقلائيّة للأحكام.
وإنّما المدّعى هو إنّ الخطاب المشتمل على التكليف ، مهما كان مدلوله اللفظي التصوري ، فإنّه يكشف كشفا تصديقيا عن أنّ داعي المولى من وراء خطابه إنّما هو بعث المكلّف ، وتحريكه نحو الفعل ، إذ مثل هذا الظهور التصديقي في أدلّة الأحكام ، لا ينبغي التردّد فيه ، وليس المراد من الخطاب التكليفي مجرد إخطار معناه على ذهن المكلف ، إذ لا يكون المراد منه حينئذ إلّا لقلقة اللسان والاعتبار.
ولأجل كون المدّعى عند الميرزا «قده» هكذا ، فلا يعقل حينئذ أن يتعلّق الخطاب بغير المقدور.
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ٣ ص ٦٦ ـ ٦٨ بتصرف ـ أجود التقريرات : ج ٢ هامش صفحة ٣٦٨.