عن الجعل ، كما لو قال : «من أكل العذرة فعليه كفارة» ، فهذا الشرط بنفسه على خلاف طبع الإنسان.
وحينئذ ، فإن كان سبب الانتفاء هو نفس الجعل كما في الافتراض الأول ، فإنّه لا إشكال في صحته ، إذ لا يخرج عن كونه محقّقا وطريقا إلى المقصود والغرض من الجعل.
وإن كان سبب الانتفاء اختياريا ، سببه غير ناحية الجعل ، فإنّه حينئذ لا يمكن أن يكون الجعل مرادا بإرادة ناشئة من ذاك الغرض الأصلي ، إذ إنّ ذاك الغرض الأصلي مؤمّن للمولى ، إذ من المعقول أن يكون هنا غرض في جعل باعث على تقدير ، وإن لم يتحقق هذا التقدير خارجا ، إذ إنّه مربوط بظروف المولى.
وإن شئت قلت في الثاني : إنّه كما إذا جعل الكفارة على شرط أكل العذرة ، فأنّ الشرط هنا بحسب طبعه منتف خارجا.
فالجعل ، وإن كان معقولا وجائزا في نفسه ، إلّا أنّه لا يمكن أن يكون كسائر الأوامر التي تكون بملاك الإرادة الغيرية والمقدميّة للمولى ، يقع في طريق امتثال المكلّف خارجا ، لأنّ ذلك مضمون في المقام بحسب طبع القضيّة ، إذ لا محالة يكون الجعل مرادا لغرض مترتب عليه ، من قبيل أن يتمكن المكلّف من التعبّد ، وقصد الامتثال الموجب لترتب الثواب عليه ، ونحو ذلك من الأغراض والمصالح التي تترتّب على الجعل.