يستحيل أن يكون ظرفه غير ظرف العروض ، حيث يكون ظرف الاتصاف في عالم ، والعروض في عالم آخر.
٢ ـ الثاني : هو إنّ الإمكان والاستلزام ، والشيئيّة ، من المعقولات الثانوية ، فما ذا تقصدون من كونها أمورا ذهنية؟ هل تقصدون إنّها بمعنى الاعتبارات الذهنيّة التي لا واقع لها إلّا اعتبار المعتبر ، باعتبار أنّه بالضرورة. إنّه فرق بين قولنا : الإنسان ممكن ، والإنسان طويل يصل إلى القمر؟ بمعنى أنّ القضية الأولى صادقة ، وجد إنسان ، أو لم يوجد إنسان ، والقضيّة الثانية كاذبة ، وجد أو لم يوجد إنسان.
فإن كان المقصود إنّ هذه الأعراض هي اعتبارية محضة ، حيث لا حقيقة لها وراء الاعتبار ، كما في «الإنسان طويل يصل إلى القمر» ، فهذا واضح الفساد ، لبداهة أنّ مثل قضيّة «الإنسان ممكن» ، تختلف عن قضيّة ، «الإنسان طويل يصل إلى القمر» ، إذ إنّ العقل يدرك صدق القضية الأولى وواقعيّتها ، بقطع النظر عن وجود عقل ومعتبر.
وإن كان المراد من هذه المعقولات الثانوية ، أنّها حالة عقلية معيّنة بالضرورة ينساق إليها الإنسان اضطرارا؟ حينئذ هذا يكون نحو فرق بينهما؟
فإنه يقال حينئذ : بأنّ هذا الانسياق ، إمّا أن يكون باعتبار نكتة قائمة بالتركيب الفسلجي لذات الإنسان ، أو باعتبار نكتة خارجة عن ذات المفكر.
فإن كان الأول ، فهو أيضا خلاف الضرورة والوجدان ، بل الضرورة قائمة على الفرق بين القضيتين بغض النظر عن وجود إنسان ، فمساوي المساوي مساو ، والنقيضان لا يجتمعان ، وجد أو لم يوجد مدرك في العالم.
إذن فكذب النكتة راجع إلينا على خلاف الضرورة.
إذن فقد انحصر الاختلاف بينهما في أنّه يرجع إلى نكتة خارجية عنّا ،