المتشخصة ، في ظرف تكون الإرادة التشريعية متعلقة بالماهيّة بلا مشخّصات لأنها تحت قدرة المكلف ولا محذور في ذلك ، حيث لا يلزم منه التكليف بغير المقدور ، وعليه فهذا التقريب غير تام.
٣ ـ التقريب الثالث : وهو ما أفاده المحقق الأصفهاني «قده» (١) ، وحاصله ، هو : إنّ النزاع في تعلق الأوامر بالطبائع ، أو بالأفراد ، مربوط ببحث فلسفيّ ، وهو : إنّ الكلّي الطبيعي ، هل هو موجود في الخارج ، أو غير موجود؟ فعلى القول بوجوده ، يقال حينئذ : بأنّ الأوامر تتعلق بالطبائع ، لأنّه يمكن وجودها خارجا.
وعلى القول بعدم وجوده في الخارج ، يقال حينئذ : بأنّ الأوامر تتعلق بالأفراد ، لعدم إمكان إيجاد الطبيعة خارجا ، وإلّا لزم التكليف بغير المقدور.
وهذا التقريب غير صحيح ، وذلك لأنّ النزاع في وجوه الكلّي الطّبيعي في الخارج ، وعدم وجوده ، إنّما هو بالنسبة للوجود بالذات ، لا للوجود ولو بالعرض والانتزاع.
وتوضيحه ، هو : إنّه لا إشكال في وجود الكلي الطبيعي خارجا ولو بالعرض بنحو من أنحاء الوجود المصحح لحمله بالحمل الشائع على الخارج ، فيقال : «زيد إنسان» فلو لم يكن للكلي الطبيعي ، «إنسان» نحو من أنحاء الوجود مع «زيد» لما صحّ هذا الحمل ، مع أنّه صحيح بلا إشكال.
فهذا يبرهن على وجود نحو اتحاد في الوجود بين الكلّي الطّبيعي والفرد الخارجي.
غاية الأمر هي أنّه وقع الكلام في هذا النحو من الوجود ، وأنّه هل هو وجود بالذات ، لنفس الماهية؟.
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ٢ ص ٥٦ ـ ٥٧.