وبتعبير آخر : إنّ شخص ذلك الطلب المجعول ممّا يمكن بقاؤه بعد طروّ الناسخ للوجوب.
ومن هنا يتضح الأمر فيما ألمح إليه في (الكفاية) (١) ، من أنّ العرف يرى تغاير الوجوب والاستحباب وتباينهما في الوجود ، وإن كان بحسب الدقّة العقليّة لا فرق بينهما إلّا في الوجود الواحد ، وحينئذ لا مجال للاستصحاب إذا شك في تبدّل أحدهما بالآخر ، فإنّ حكم العرف ونظره يكون متّبعا في هذا الباب.
أقول : بناء على مسلك الميرزا «قده» من كون الوجوب والاستحباب حكما عقليا ، فإنّه كما يمكن إجراء استصحاب الطلب استصحابا شخصيا ، لكون شخص ذلك الطلب المجعول يمكن بقاؤه بعد طروّ الناسخ للوجوب ، كذلك يمكن إجراء استصحاب روح الطلب ـ التي هي الإرادة التشريعيّة وحبّ المولى ـ في أصل الإرادة والحب استصحابا شخصيا ، ولو بالمرتبة الضعيفة للإرادة التي لا يعلم بارتفاعها.
ومن هنا يتّضح عدم تماميّة ما ألمح إليه في (الكفاية) من عدم جريان الاستصحاب في روح الطلب.
ذلك لأنّ العرف ، وإن كان يرى التباين بين الوجوب والاستحباب ، ولكنه لا يرى تباينا بين الإرادة التشريعيّة اللزوميّة ، والإرادة التشريعيّة غير اللزوميّة التي هي من مبادئ الحكم.
هذا تمام الكلام فيما إذا نسخ الوجوب.
__________________
(١) كفاية الأصول ـ مشكيني : ج ١ ص ٢٢٥.