والخلاصة ، هي : إنّه في الحالة الثانية ، يفترض أنّ دليل التوقيت ناظر إلى مفاد الدليل الأول ، فيقيّده ، وحينئذ لا يصح التمسك بالدليل الأول كي نثبت به أصل الوجوب في خارج الوقت ، ولو بمرتبة أخرى ، بناء على معقولية تصوير المراتب في الوجوب بلحاظ المعتبر ، رغم كونه غير معقول بلحاظ الاعتبار ، كما تقدم ، لأنّ مفاد الخطاب ليس إلّا جعل وجوب واحد ، وهذا لا يثبت إطلاقا كي نثبته ، أو نعمّمه لتمام مراتب الوجوب ، كي يقال : بأنّه يبقى الإطلاق ثابتا ولو لبعضها.
ومن أجل هذا لا يستظهر من دليل الإيجاب لو خلّي ونفسه ، أنّه واجب بالمرتبة العالية ، وإنّما المستظهر منه بلحاظ مدلوله التّصديقي ، وجوب واحد للفعل ، دون أن يثبت إن له مراتب ، بل الذي يثبت له ، هو : إنّ الوجوب الواحد لا يختص بزمان دون زمان ، ولا بحصة دون حصة ، فالقول إنّ التقييد يثبت بلحاظ بعض المراتب دون بعض ، لا معنى له ، لأنّ إثبات الإطلاق بلحاظ بعض المراتب ، فرع ثبوت مراتب متعدّدة.
هذا والمفروض أنّ دليل التوقيت ناظر ومقيّد لمدلول الدليل الأول الواحد ، إذن فلا يبقى للدليل الأول إطلاق كي يتمسك به في خارج الوقت.
وأمّا النحو الثالث : فقد يقرّب بسنخ ما قرّب به النحو الثاني ، حيث ذكر السيد الخوئي «قده» (١) إنّه إذا كان لدليل الوجوب ، أي الدليل الأول ، إطلاق ، ولم يكن لدليل التوقيت إطلاق ، حينئذ يقال : بأنّ دليل التوقيت يدل على التقييد ، إلّا أنّه لا يعلم ، هل هو تقييد على وجه الركنيّة بحيث يسقط الوجوب رأسا عند العجز عن القيد ، أو إنّه تقييد ما دام القيد ممكنا.
فيقال حينئذ : مقتضى إطلاق الدليل الأول ، عدم أخذ قيد الوقت أصلا ، والقدر المتيقّن من دليل التوقيت ، هو أخذ الوقت قيدا في الدليل
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ٤ ص ٦٤ ـ ٦٥ ـ ٦٦ ـ ٦٧.